وقوله : (أَجِئْتَنا لِتَلْفِتَنا) (٧٨)
اللفت : الصرف ؛ تقول : ما لفتك عن فلان؟ أي ما صرفك عنه.
ويقول القائل : كيف قالوا (وتكون لكما الكبرياء فى الأرض) فإنّ (١) النبىّ صلىاللهعليهوسلم إذا صدّق صارت مقاليد أمّته وملكهم إليه ، فقالوه على ملك ملوكهم من التكبر.
وقوله : (ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ) (٨١)
(ما) فى موضع الذي ؛ كما تقول : ما جئت به باطل. وهى فى قراءة عبد الله (ما جئتم به سحر) وإنما قال (السحر) بالألف واللام لأنه جواب لكلام قد سبق ؛ ألا ترى أنهم قالوا لما جاءهم به موسى : أهذا سحر؟ فقال : بل ما جئتم به السحر. وكل حرف ذكره متكلم نكرة فرددت عليها لفظها فى جواب المتكلم زدت فيها ألفا ولاما ؛ كقول الرجل : قد وجدت درهما ، فتقول أنت : فأين الدرهم؟ أو : فأرنى الدرهم. ولو قلت : فأرنى درهما ، كنت كأنك سألته أن يريك غير ما وجده.
وكان مجاهد (٢) وأصحابه يقرءون : ما جئتم به آلسحر : فيستفهم ويرفع السحر من نيّة الاستفهام ، وتكون (ما) فى مذهب أىّ كأنه قال : أي شىء جئتم به؟ آلسحر هو؟ وفى حرف أبىّ (ما أتيتم به سحر) قال الفراء : وأشكّ فيه.
وقد يكون (ما جئتم به السحر) تجعل السحر منصوبا ؛ كما تقول : ما جئت به الباطل والزور. ثم تجعل (ما) فى معنى جزاء و (جئتم) فى موضع جزم إذا نصبت ، وتضمر الفاء فى قوله (إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ) فيكون جوابا للجزاء. والجزاء لا بدّله أن
__________________
(١) هذا جواب السؤال.
(٢) وهى قراءة أبى عمرو وأبى جعفر.