وقوله : (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ) (٦٣)
: بين قلوب الأنصار من الأوس والخزرج ؛ كانت بينهم حرب ، فلمّا دخل المدينة رسول الله صلىاللهعليهوسلم أصلح الله به وبالإسلام ذات بينهم.
وقوله : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ) (٦٤)
جاء التفسير : يكفيك الله ويكفى من اتبعك ؛ فموضع الكاف فى (حسبك) خفض. و (من) فى موضع نصب على التفسير ؛ كما قال الشاعر :
إذا كانت الهيجاء وانشقّت العصا |
|
فحسبك والضّحاك سيف مهنّد (١) |
وليس بكثير من كلامهم أن يقولوا : حسبك وأخاك ، حتى يقولوا : حسبك وحسب أخيك ، ولكنا أجزناه لأن فى (حسبك) معنى واقع من الفعل ، رددناه (٢) على تأويل الكاف لا على لفظها ؛ كقوله (إِنَّا (٣) مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ) فردّ الأهل على تأويل الكاف.
وإن شئت جعلت (من) فى موضع رفع ، وهو أحبّ الوجهين إلىّ ؛ لأن التلاوة تدلّ على معنى (٤) الرفع ؛ ألا ترى أنه قال :
إن يكن منكم عشرون صبرون يغلبوا مائتين (٦٥)
فكان النبىّ صلىاللهعليهوسلم يغزى أصحابه على أنّ العشرة للمائة ، والواحد للعشرة ، فكانوا كذلك ، ثم شقّ عليهم أن يقرن (٥) الواحد للعشرة فنزل :
__________________
(١) نسبه فى ذيل الأمالى ١٤٠ إلى جرير. وقال فى السمط ٨٩٩ : «نسبه القالي لجرير. وعليه العهدة».
(٢) أي رددنا المنصوب على تأويل الكاف وتقدير أنها منصوبة إذ هى فى معنى المفعول ، فكأنه قيل : يكفيك. ولم يرد على لفظ الكاف ؛ فإن لفظها خفض بالإضافة.
(٣) آية ٣٣ سورة العنكبوت.
(٤) وهو أن المؤمنين بإعانة الله يكفون الرسول عليه الصلاة والسلام غوائل الأعداء ، والآية الآتية تدل على هذا إذ فيها أنه تعالى ضمن للقليل من المؤمنين النصرة على من يزيد عليهم أضعافا فى العدد من المشركين.
(٥) يقال. أقرن الشيء : أطاقه وقدر عليه.