وقوله : (فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) (٥٠)
يقال : قد كانوا فى شغل من أن ينظروا ، مستورين بما اكتنفهم من البحر أن يروا فرعون وغرفة ، ولكنّه فى الكلام كقولك : قد ضربت وأهلك ينظرون فما أتوك ولا أغاثوك ؛ يقول : فهم قريب بمرأى ومسمع. ومثله فى القرآن : (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ) (١) ، وليس هاهنا رؤية إنّما هو علم ، فرأيت يكون على مذهبين : رؤية العلم ورؤية العين ؛ كما تقول : رأيت فرعون أعتى الخلق وأخبثه ، ولم تره إنما هو بلغك (٢) ؛ ففى هذا بيان.
وقوله : (وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ...) (٥١)
ثم (٣) قال فى موضع آخر : (وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ) (٤) (فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) ، فيقول القائل : كيف ذكر الثلاثين وأتمّها بالعشر (٥) والأربعون (٦) قد تكمل بعشرين وعشرين ، أو خمسة وعشرين وخمسة عشر؟ قيل : كان ذلك ـ والله أعلم ـ أنّ الثّلاثين كانت عدد شهر ، فذكرت الثلاثون منفصلة لمكان الشّهر وأنّها ذو القعدة وأتممناها بعشر من ذى الحجة ، كذلك قال المفسّرون. ولهذه القصّة خصّت العشر والثلاثون بالانفصال.
وقوله : (وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (٥٣)
__________________
(١) آية ٤٥ سورة الفرقان.
(٢) العبارة فى ج ، ش : «ولم تره ونظرت. هذا بيان» ووجد بهامش نسخة أ بعد قوله : بلغك «ونظرت إلى ... ولم تأت إنما هو العلم». وفى موضع النقط كلمة غير واضحة ، قد تكون : منزلك.
(٣) فى أ : «و».
(٤) آية ١٤٢ سورة الأعراف.
(٥) فى أ : «بعشر».
(٦) فى ش ، ج : «أربعون».