إلى الفعل (١) كما قال (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) يريد : أو ملك أيمانكم. ولو قيل (٢) فى هذين (من) كان صوابا ، ولكن الوجه ما جاء به الكتاب. وأنت تقول فى الكلام : خذ من عبيدى ما شئت ، إذا أراد مشيئتك ، فإن قلت : من شئت ، فمعناه : خذ الذي تشاء.
وأما قوله : (مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) فإنها حروف لا تجرى (٣). وذلك أنهن مصروفات (٤) عن جهاتهنّ ؛ ألا ترى أنهنّ للثلاث والثلاثة ، وأنهن لا يضفن إلى ما يضاف إليه الثلاثة والثلاث. فكان لا متناعه من الاضافة كأنّ فيه الألف واللام. وامتنع من الألف واللام لأن فيه تأويل الإضافة ؛ كما كان بناء الثلاثة أن تضاف إلى جنسها ، فيقال : ثلاث نسوة ، وثلاثة رجال. وربما جعلوا مكان ثلاث ورباع مثلث ومربع ، فلا يجرى أيضا ؛ كما لم يجر ثلاث ورباع لأنه مصروف ، فيه من العلّة ما فى ثلاث ورباع. ومن جعلها نكرة وذهب بها إلى الأسماء أجراها. والعرب تقول : ادخلوا ثلاث ثلاث ، وثلاثا ثلاثا (٥). وقال الشاعر :
[وإنّ الغلام المستهام بذكره] |
|
قتلنا به من بين مثنى وموحد |
بأربعة منكم وآخر خامس |
|
وساد مع الإظلام فى رمح معبد (٦) |
__________________
(١) يريد الحدث والمعنى الذي فى طاب ، ولم يذهب إلى الذوات. ويقرب من هذا ما يذكر من ملاحظة الوصف. وحمل كلام الفرّاء على أن (ما) عنده مصدرية. ويبين عنه قوله : «يريد : أو ملك أيمانكم».
(٢) وهى قراءة إبراهيم بن أبى عبلة ؛ كما فى القرطبي.
(٣) الإجراء فى اصطلاح الكوفيين : صرف الاسم وتنوينه ، وعدم الإجراء : منعه من الصرف.
(٤) أي معدولات.
(٥) ثبت فى ج ، وسقط فى ش.
(٦) ساد : لغة فى سادس. ولم يرد الشطر الأول فى أصول الكتاب. وقد جاء فى شرح التسهيل لأبى حيان فى مبحث «ما لا ينصرف».