حلفت له إن تدلج اللّيل لا يزل |
|
أمامك بيت من بيوتى سائر (١) |
والمعنى حلفت له لا يزال أمامك بيت ، فلما جاء بعد المجزوم صيّر جوابا للجزم. ومثله فى العربية : آتيك كى (إن تحدّثنى (٢) بحديث أسمعه منك ، فلما جاء بعد المجزوم جزم).
وقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا ...) (١٠٤) هو (٣) من الإرعاء والمراعاة ، (وفى) (٤) قراءة عبد الله «لا تقولوا راعونا» وذلك أنها كلمة باليهودية شتم ، فلمّا سمعت اليهود أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم يقولون : يا نبىّ الله راعنا (٥) ، اغتنموها فقالوا : قد كنا نسبّه فى أنفسنا فنحن الآن قد أمكننا أن نظهر له السّبّ ، فجعلوا يقولون لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : راعنا ، ويضحك بعضهم إلى بعض ، ففطن لها رجل (٦) من الأنصار ، فقال لهم : والله لا يتكلم بها رجل
__________________
(١) البيت شاهد على جزم «لا يزل» فى ضرورة الشعر بجعله جواب الشرط وكان القياس أن يرفع ويجعل جوابا للقسم ، لكنه جزم للضرورة ، فيكون جواب القسم محذوفا مدلولا عليه بجواب الشرط. وتدلج : مضارع أدلج أي سار الليل كله. وأراد بالبيت جماعة من أقاربه ؛ يقول : إن سافرت بالليل أرسلت جماعة من أهلى يسيرون أمامك يخفرونك ويحرسونك إلى أن تصل إلى مأمنك.
(٢) فى ج ، ش : «إن تحدث بحديث أسمعه منك ، فلما جاء بعد الجزم جزم».
(٣) فى ج : «وهو».
(٤) فى ج : «وهو فى».
(٥) راعنا : أمر من المراعاة وهى الحفظ. وفى الصحاح : «أرعيته سمعى أي أصغيت إليه ، ومنه قوله تعالى : (راعِنا) قال الأخفش : «هو فاعلنا من المراعاة على معنى أرعنا سمعك ، ولكن الياء ذهبت للأمر». والأقرب أن المراعاة هنا مبالغة فى الرعي أي حفظ المرء غيره ، وتدبير أموره. وقراءة عبد الله بن مسعود «راعونا» على إسناد الفعل إلى ضمير الجمع للتوقير.
(٦) هو سعد بن معاذ الأنصاري الأوسى رضى الله عنه ؛ وكان يعرف لغتهم. شهد بدرا وأحدا ، وتوفى سنة خمس من الهجرة بسبب جرح أصابه فى غزوة الخندق.