والمبتدأ لا يكون إلا متحركا. وكذلك قوله : (حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً) (١) ، وقوله : (وَازَّيَّنَتْ) (٢) المعنى ـ والله أعلم ـ : تزينت ، و (قالُوا اطَّيَّرْنا) (٣) معناه : تطيرنا. والعرب تقول : (حتى إذا اداركوا) تجمع بين ساكنين : بين التاء من تداركوا وبين الألف من إذا. وبذلك كان يأخذ أبو عمرو (٤) بن العلاء ويردّ الوجه الأوّل ، وأنشدنى الكسائي :
تولى الضجيع إذا ما استافها (٥) خصرا |
|
عذب المذاق إذا ما اتّابع القبل |
وقوله : (وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى) (٤٠) فأوقع (جعل) على الكلمة ، ثم قال : (وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيا) على الاستئناف ، ولم ترد بالفعل. وكلمة الذين كفروا الشرك بالله ، وكلمة الله قول (لا إله إلا الله). ويجوز (وكلمة (٦) الله هى العليا) ولست أستحبّ ذلك لظهور الله تبارك وتعالى ؛ لأنه لو نصبها ـ والفعل فعله ـ كان أجود الكلام أن يقال : «وكلمته هى العليا» ؛ ألا ترى أنك تقول : قد أعتق أبوك غلامه ، ولا يكادون يقولون : أعتق أبوك غلام أبيك. وقال الشاعر فى إجازة ذلك :
متى تأت زيدا قاعدا عند حوضه |
|
لتهدم ظلما حوض زيد تقارع |
فذكر زيدا مرّتين ولم يكن عنه فى الثانية ، والكناية وجه الكلام.
__________________
(١) آية ٣٨ سورة الأعراف.
(٢) آية ٢٤ سورة يونس.
(٣) آية ٤٧ سورة النمل.
(٤) إنما روى هذا الوجه عن أبى عمرو عصمة الفقيمي. وليس ممن تعتبر روايته. وانظر تفسير القرطبي ٧ / ٢٠٤
(٥) استافها. شمها. والخصر : البارد. يريد ريقها.
(٦) وقد قرأ بهذا يعقوب والحسن والأعمش فى رواية المطوّعى.