وقد يكون الاسم غير مخلوق من فعل ، ويكون فيه معنى تأنيث وهو مذكّر فيجوز فيه تأنيث الفعل وتذكيره على اللفظ مرّة وعلى المعنى مرّة ؛ من ذلك قوله عزوجل (وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ) (١) ولم يقل «كذبت» ولو قيلت لكان صوابا ؛ كما قال (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ) (٢) و (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ) (٣) ذهب إلى تأنيث الأمّة ، ومثله من الكلام فى الشعر كثير ؛ منه قول الشاعر :
فإن كلابا هذه عشر أبطن |
|
وأنت برىء من قبائلها العشر (٤) |
وكان ينبغى أن يقول : عشرة أبطن ؛ لأن البطن ذكر ، ولكنه فى هذا الموضع فى معنى قبيلة ، فأنّث لتأنيث القبيلة فى المعنى. وكذلك قول الآخر :
وقائع فى مضر تسعة |
|
وفى وائل كانت العاشرة |
فقال : تسعة ، وكان ينبغى له أن يقول : تسع ؛ لأن الوقعة أنثى ، ولكنه ذهب إلى الأيام ؛ لأن العرب تقول فى معنى الوقائع : الأيام ؛ فيقال هو عالم بأيّام العرب ، يريد وقائعها. فأمّا قول الله تبارك وتعالى : (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) (٥) فإنه أريد به ـ والله أعلم ـ : جمع الضياءان. وليس قولهم : إنما ذكّر فعل الشمس لأن الوقوف لا يحسن فى الشمس حتى يكون معها القمر بشىء (٦) ، ولو كان هذا على ما قيل لقالوا : الشمس جمع والقمر. ومثل هذا غير جائز ، وإن شئت ذكّرته ؛
__________________
(١) آية ٦٦ سورة الأنعام.
(٢) آية ١٠٥ سورة الشعراء.
(٣) آية ١٦٠ سورة الشعراء.
(٤) فى العيني : «قائله رجل من بنى كلاب يسمى النوّاح» وورد فى اللسان (بطن) من غير عزو.
(٥) آية ٩ سورة القيامة.
(٦) خبر قوله : «ليس قولهم ..».