فنصب (ليث الكتيبة) و (ذا الرأى) على المدح والاسم قبلهما مخفوض ؛ لأنه من صفة واحد ، فلو كان الليث غير الملك لم يكن إلا تابعا ؛ كما تقول مررت بالرجل والمرأة ، وأشباهه. قال : وأنشدنى بعضهم :
فليت التي فيها النجوم تواضعت |
|
على كل غثّ منهم وسمين |
غيوث الحيا فى كل محل ولزبة |
|
أسود الشّرى يحمين كلّ عرين (١) |
فنصب. ونرى أنّ قوله : (لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ) (٢) أنّ نصب (الْمُقِيمِينَ) على أنه نعت للراسخين ، فطال نعته ونصب على ما فسّرت لك.
وفى قراءة عبد الله «والمقيمون والمؤتون» وفى قراءة أبىّ (وَالْمُقِيمِينَ) ولم يجتمع فى قراءتنا وفى قراءة أبىّ إلا على صواب. والله أعلم.
حدّثنا الفرّاء : قال : وقد حدّثنى أبو معاوية (٣) الصرير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها سئلت عن قوله : (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) (٤) وعن قوله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ) (٥) وعن قوله : (وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ) فقالت : يا بن أخى (٦) هذا كان خطأ من الكاتب.
__________________
(١) تواضعت : هبطت ، واللزبة الشدّة ، المحل القحط ، الحيا بالقصر المطر. والذي فى الطبري :
غيوث الورى فى كل محل وأزمة
(٢) آية ١٦٢ سورة النساء.
(٣) هو محمد بن خازم الكوفىّ ، من كبار المحدّثين. قال أبو داود : قلت لأحمد : كيف حديث أبى معاوية عن هشام بن عروة؟ قال : فيها أحاديث مضطربة. وبهذا تعرف ضعف هذه الرواية ، فلا يعوّل عليها ، وكيف يقرّ الكاتب على الخطأ بإن كان ثم خطأ ، وقد قام على كتاب القرآن الثقات الأثبات. وانظر الطبري فى تفسير آية (لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) فى النساء والإتقان فى النوع الحادي والأربعين. وانظر ترجمة أبى معاوية فى تهذيب التهذيب.
(٤) آية ٦٣ سورة طه.
(٥) آية ٦٩ سورة المائدة.
(٦) كذا فى الأصول : تريد أخاها فى الإسلام وفى القرابة ، لأنه زوج أختها أسماء. وفى الطبري ٦ / ١٨ : «أختى» وقد يكون ما هنا محرّفا عن «أختى».