[قال الفرّاء : ويروى :
... على من غيرنا (١) *]
والرفع فى (بَعُوضَةً) هاهنا جائز ، لأن الصلة ترفع ، واسمها (٢) منصوب ومخفوض.
وأما الوجه (٣) الثالث ـ وهو أحبها إلىّ ـ فأن تجعل المعنى على : إن الله لا يستحيى أن يضرب مثلا ما بين بعوضة إلى ما فوقها. والعرب إذا ألقت «بين» من كلام تصلح «إلى» فى آخره نصبوا الحرفين المخفوضين اللذين خفض أحدهما ب «بين» والآخر ب «إلى». فيقولون : مطرنا ما زبالة فالثّعلبية (٤) ، وله عشرون ما ناقة فجملا ، وهى أحسن الناس ما قرنا فقدما (٥). يراد به ما بين قرنها إلى قدمها. ويجوز أن تجعل القرن (٦) والقدم معرفة ، فتقول : هى حسنة ما قرنها فقدمها. فإذا لم تصلح «إلى» فى آخر الكلام لم يجز سقوط «بين» ؛ من ذلك أن تقول : دارى ما بين الكوفة والمدينة. فلا يجوز أن تقول : دارى ما الكوفة فالمدينة ؛ لأن «إلى» إنما تصلح إذا كان ما بين المدينة والكوفة كلّه من دارك ، كما كان المطر آخذا ما بين زبالة إلى الثّعلبية. ولا تصلح الفاء مكان الواو فيما لا تصلح فيه «إلى» ؛ كقولك : دار فلان بين الحيرة فالكوفة ؛ محال. وجلست بين عبد الله فزيد ؛ محال ، إلا أن يكون مقعدك آخذا للفضاء الذي بينهما. وإنما امتنعت الفاء من الذي (٧) لا تصلح فيه «إلى» ؛ لأن الفعل فيه لا يأتى فيتّصل ، و «إلى»
__________________
(١) ما بين المربعين ساقط من ج ، ش.
(٢) يريد باسم الصلة الموصول.
(٣) انظر فى هذا الخزانة ٤ / ٣٩٩.
(٤) زبالة (كشمامة) ، والثعلبية (بفتح أوّله) :
موضعان من منازل طريق مكة من الكوفة.
(٥) يشار إلى البيت :
يا أحسن الناس ما قرنا إلى قدم |
|
ولا حبال محب واصل تصل |
أراد ما بين قرنا فلما أسقط «بين» نصب «قرنا» على التمييز لنسبة «أحسن».
(٦) فى ش : «مكان القرن».
(٧) ج ، ش : «... الفاء التي لا ...».