وعن أحمد بن فارس الأديب قال : سمعت بهمدان ناساً يُعرفون ببني راشد ، وهم كلّهم يتشيّعون ، ومذهبهم مذهب أهل الإمامة ، وسألتهم عن سبب تشيّعهم من بين أهل همدان ، فقال لي شيخ منهم ـ رأيت فيه صلاحاً وورعاً وسمتاً ـ : إنّ سبب ذلك أنّ جدّنا الذي ننتسب إليه خرج حاجّاً فقال : إنّي لمّا صدرتُ من الحجّ ، وساروا منازل في البادية نشطت في النزول والمشي ، فمشيتُ طويلاً حتّى تعبت ، فقلت في نفسي : أنام نومة تريحني فإذا جاء أواخر القافلة قمت ، فما انتبهت إلاّ بحَرّ الشمس ، ولم أر أحداً فتوحّشتُ ، ولم أر طريقاً ولا أثراً ، فتوكّلت على اللّه وقلت : أسير حيث وجّهني ، فمشيتُ غير طويل فوقعتُ في أرض خضراء نضرة ، وإذا تربتها أطيب تربة ، ونظرتُ في سواد تلك الأرض إلى قصر يلوح كالسيف فتعجّبتُ منه ، وقصدته ، فلمّا بلغت الباب رأيت خادمين أبيضين ، فسلّمتُ عليهما فردّا ردّاً جميلاً وقالا : اجلس ، فقد أراد اللّه بك خيراً .
فقام أحدهما ودخل ثمّ خرج غير بعيد ، وقال لي : قم فادخل ، فدخلت قصراً لم أر بناءً أحسن من بنائه ولا أضوأ منه ، وتقدّم الخادم إلى ستر على بيت فرفعه ، ثمّ قال لي : ادخل ، فدخلت البيت ، فإذا فتى جالس في وسط البيت ، وقد عُلِّقَ فوق رأسه من السقف سيفٌ طويلٌ والفتى كأنّه بَدْر يلوح في الظلام ، فسلّمتُ ، فردّ السلام بألطف كلام ، ثمّ قال : «أتدري مَنْ أنا؟» .
فقلت : لا واللّه ، قال : «أنا القائم من آل محمّد عليهمالسلام ، أنا الذي أخرج في آخر الزمان بهذا السيف» .
فسقطتُ على وجهي وتعفّرت ، فقال : «لا تفعل هذا ارفع رأسك ، أنت فلان بن فلان من بلدة همدان» فقلت : صدقت يا سيّدي ومولاي ،