أصمت الأسماع من زئيرها ، فلمّا مشى في الصحن يريد الدرجة مشت إليه ، وقد سكنت فتمسّحت به ودارت حوله وهو يمسحها بكُمّه ، ثمّ ربضت ، فصعد إلى المتوكّل فتحدّث معه ساعة ، ثمّ نزل ففعلت به كفعلها الأوّل حتّى خرج ، فاتّبعه المتوكّل بجائزة عظيمة ، فقيل للمتوكّل : افعل كما فعل ابن عمّك ، فلم يجترئ عليه وقال : تريدون قتلي ، ثمّ أمرهم أن لا يفشوا ذلك(١) ، انتهى ما نقلوه .
وروى بعضٌ منّا ومن العامّة أنّ يحيى بن أكثم ، قال في مجلس الخليفة ، والفقهاء بحضرته : مَنْ حلق رأس آدم حين حجّ ؟ فتعايا(٢) القوم عن الجواب ، فقال الخليفة : أنا أحضركم مَن يُنبّئكم بالخبر ، فبعث إلى عليّ ابن محمّد الهادي عليهالسلام فأحضره ، فقال له : يا أبا الحسن ، مَنْ حلق رأس آدم حين حجّ ؟ فقال : «سألتك يا أمير المؤمنين إلاّ أعفيتني» قال : أقسمت عليك لتقولنّ ، قال : «أما إذا أبيت فإنّ أبي حدّثني عن جدّي ، عن أبيه ، عن جدّه ، قال : قال رسول اللّه صلىاللهعليهوآله : أمر اللّه جبرئيل أن ينزل بياقوتةٍ من الجنّة ، فهبط بها فمسح بها رأس آدم عليهالسلام فتناثر الشَّعر منه ، فحيث بلغ نورها صار من الحرم»(٣) .
وروى جماعة من الفريقين أنّ السبب في شخوص الهادي عليهالسلام من المدينة إلى سرّ من رأى : أنّ عبد اللّه بن محمّد كان الوالي بالمدينة وصاحب
____________________
(١) مروج الذهب ٤ : ٨٦ محيلاً إلى كتابه ـ أخبار الزمان ـ ، الصواعق المحرقة : ٣١٠ ، مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ٤ : ٤٤٧ ـ ٤٤٨ .
(٢) عَيِيَ من باب تعب : عجز عنه ولم يهتد لوجه مراده . انظر : مجمع البحرين ١ : ٣١١ .
(٣) الدرّ النظيم : ٧٢٢ ، بحار الأنوار ٩٩ : ٥٠ / ٥٠ ، تاريخ بغداد ١٢ : ٥٦ / ٦٤٤٠ ، تذكرة الخواصّ : ٣٢٣ .