للمظالم ، فأوّل رقعة وقعت في يده نظر فيها فبكى ، وقال للّذي على رأسه : أين وكيل ولد فاطمة عليهاالسلام ؟ فقام شيخ ، عليه دراعة وعمامة ، وخفّ ثغريّ ، فتقدّم فجعل يناظره في فدك ، والمأمون يحتجّ عليه وهو يحتجّ على المأمون ، ثمّ أمر أن يسجّل لهم بها ، فكتب السجل فقرأ عليه فأنفذه ، فقام دعبل إلى المأمون فأنشده الأبيات التي أوّلها :
أصبح وجهُ الزمانِ قد ضحكا |
|
بردّ مأمونِ هاشمٍ فدكا(١) |
فلم تزل في أيديهم حتّى قبضها المتوكّل منهم ، وأقطعها لغيرهم(٢) .
ثمّ إنّ الواثق ردّها عليهم ، ثمّ قُبضت أيضاً فردّها عليهم المنتصر ، ثمّ قُبضت فردّها المعتضد ، ثمّ قُبضت منهم فردّها عليهم الراضي(٣) .
وأمّا ما توهّمه بعض الجهلة من دلالة عدم تعرّض أمير المؤمنين عليهالسلام لردّها في خلافته على كون أبي بكر مصيباً(٤) ، فظاهر البطلان ؛ ضرورة عدم انحصار سبب عدم تعرّضه فيما ذكره المتوهّمون ، بل الأسباب في ذلك كانت كثيرة ، حتّى أنّه وذرّيّته الأئمّة عليهمالسلام صرّحوا ببعضٍ منها ، وكفى في هذا قوله عليهالسلام في بعض كلامه كما في نهج البلاغة وغيره : «بلى ، قد كانت في أيدينا فدك من كلّ ما أظلّته السماء ، فشحّت عليها نفوسُ قومٍ ، وسخت عنها نفوسُ قومٍ آخرين ، ونعم الحكم اللّه ، وما أصنع بفدكٍ وغير
____________________
(١) انظر : ديوان دعبل : ٢٤٧ .
(٢) نقله عنه أبو هلال العسكري في الأوائل : ١٧٧ ، وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ١٦ : ٢١٧ .
(٣) كتاب الأربعين للشيرازي ٥٢٣ ، الطرائف ١ : ٣٦٤ .
(٤) انظر : المغني لعبد الجبّار ٢٠/ ق ١ : ٣٣٣ .