قال : وقال يحيى بن الحسن(١) النسّابة : إنّ موسى كان يدعى بالعبد الصالح ، من عبادته واجتهاده ، وكان سخيّاً يبلغه عن الرجل أنّه يؤذيه فيبعث إليه بُصرّة فيها ألف دينار ، وكان يُصرّر الصُرر مائتي دينار وأكثر ويرسل بها ، فمن جاءته صُرّة استغنى .
قال الذهبي : هذا يدلّ على كثرة إعطاء الخلفاء العبّاسيّين له .
أقول: هذا توهّم محض ؛ فإنّ صريح الأخبار(٢) : أنّ الرشيد كان لا يعطيه إلاّ قليلاً خوفاً من الخروج عليه ، بل ذلك المال كلّه من الشيعة الذين كانوا يعتقدون إمامته فيسلّمونه حقّه من الخُمس وغيره .
قال : وروى الورّاق ، عن عيسى الفوطي(٣) قال : زرعت بطّيخاً وقِثّاءً على بئر ، فلمّا استوى بيّته الجراد فأتى عليه كلّه ، وكنتُ غرمت عليه مائة وعشرين ديناراً ، فبينما أنا جالس إذ طلع(٤) موسى بن جعفر عليهالسلام فسلّم ، ثمّ قال : « أيش(٥) حالك ؟ » فقلت : أصبحت كالصريم ، بيّتني الجراد ، فقال : «يا عرفة ، زِنْ له مائة وخمسين ديناراً» وقال :«نربحك ثلاثين ديناراً» ثمّ دعا لي فيها ، فبعث منها بعشرة آلاف درهم .
ثمّ قال : وروى الفضل بن الربيع عن أبيه : أنّ المهدي حبس موسى ابن جعفر فرأى في المنام عليّاً وهو يقول : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ
____________________
(١) هو يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد اللّه بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب ، عالم فاضل ....
انظر : نقد الرجال للتفرشي ٥ : ٦٥ / ٥٧٦٠ .
(٢) كما ستأتي في ص ٥٣ ـ ٥٤ عن الطبري وغيره .
(٣) في تاريخ الإسلام : «عيسى بن المغيث القرظي» .
(٤) في «ن» و«م» زيادة : «علَيَّ» .
(٥) في النسخ : «أيّ شيء» ، وما أثبتناه من المصدر .