فجمع المأمون في اليوم الثاني ألف رجلٍ من أهل العلم والفقه وتناظروا ، فقالت طائفة منهم : الزوج عندنا جارٌّ إلى نفسه فلا شهادة له ، ولكنّا نرى يمين فاطمة عليهاالسلام قد أوجبت لها ما ادّعت مع شهادة المرأتين .
وقالت طائفة : نرى أنّ اليمين مع الشهادة لا توجب حكماً ولكن شهادة الزوج عندنا جائزة ولا نراه جارّاً إلى نفسه ، فقد وجب بشهادته مع شهادة المرأتين لفاطمة عليهاالسلام ما ادّعت ، ولم يقل أحدٌ منهم قولاً ثالثاً ، فاجتمع قولهم أجمع على استحقاق فاطمة عليهاالسلام فدك والعوالي .
فسألهم المأمون بعد ذلك عن فضائل عليّ وفاطمة عليهماالسلام ، فذكروا ما ذكروا وجزموا بأنّهما في غاية الجلالة والفضل ، وأنّ أُمّ أيمن وأسماء من أهل الجنّة .
فقال المأمون : أيجوز أن يقال : إنّ عليّاً عليهالسلام مع ورعه وزهده وفضائله يشهد لفاطمة عليهاالسلام بغير حقّ؟ أو يجوز مع علمه وفضله أن يقال : إنّه يمشي في شهادة وهو يجهل الحكم فيها؟ وهل يجوز أن يقال : إنّ فاطمة مع طهارتها وعصمتها وأنّها سيّدة النساء ، كما رويتم ، تطلب شيئاً ليس لها ، تظلم فيه جميع المسلمين ، وتقسم عليه باللّه الذي لا إله إلاّ هو؟ فالطعن على فاطمة عليهاالسلام طعن على كتاب اللّه وإلحاد في دين اللّه ، الخبر ـ إلى أن قال ـ : فردّ فدك والعوالي على بني فاطمة عليهاالسلام ، ثمّ أمر أن يكتب هذا رسالة وتُقرأ في المواسم على الناس(١) ، انتهى .
وقد مرّ في ذكر أخبار دعوى فاطمة عليهاالسلام بعض أخبار شاهدة أيضاً ، منها : رواية الجوهري عن أُمّ هاني أنّ فاطمة قالت لأبي بكر في مكالمتها :
____________________
(١) الطرائف ١ : ٣٥٩ / ٣٤٨ .