الرجل قد أحضرك لِيهَتكك ويضع منك ، فلا تُقرَّ له أنّك شربتَ نَبيذاً قطُّ» ، فقال له موسى : فإذا كان دعاني لهذا فما حيلتي ؟ قال : «فلا تَضع من قَدركَ ولا تفعل ، فإنما أراد هتككَ» فأبى عليه ، فكرّر عليه ، فلمّا رأى أنّه لا يُجيب قال : «أما إنّ هذا مَجلسٌ لا تجتمع أنت وهو عليه أبداً» .
فأقام ثلاثَ سنينَ ، يُبكّر كلَّ يومٍ فيقال له : قد تشاغل اليومَ فرحٌ ، فيروح فيقال : قد سَكِرَ فَبكّر ، فيُبكّر فيقال : شرب دواءً ، فما زال على هذا ثلاثَ سنينَ ، حتّى قُتل المتوكّل ولم يجتمع معه على المجلس الذي أراد(١) .
وروى جمع ، منهم : الكليني ، عن إبراهيم بن محمّد الطاهري ، من أتباع المتوكلّ وخواصّ خدمه ، قال : مرض المتوكّل من خُراج(٢) خرج به وأشرف منه على الهلاك ، فلم يَجْسر أحدٌ أن يمسّه بحديدةٍ ، فنذرت أُمّه إن عُوفيَ أن تَحْمل إلى أبي الحسن عليّ بن محمّد مالاً جزيلاً من مالها ، وقال له الفتح بن خاقان : لو بعثتَ إلى هذا الرجل فسألته فإنّه لا يخلو أن يكونَ عنده (صفةٌ)(٣) يُفرّج بها عنك ، فبعث إليه ووصف له علّته ، فردّ إليه الرسول بأن يُؤخذ كُسْبُ(٤) الشاةِ فَيُداف(٥) بماءِ وردٍ فيوضع عليه ، فلمّا
____________________
(١) الكافي ١ : ٤٢٠ / ٨ (باب مولد أبي الحسن عليّ بن محمّد عليهماالسلام ) ، الإرشاد للمفيد ٢ : ٣٠٧ ، إعلام الورى ٢ : ١٢١ ، مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ٤ : ٤٤١ ، كشف الغمّة ٢ : ٣٨١ ، بحار الأنوار ٥٠ : ١٥٨ / ٤٩ .
(٢) وَرَم يخرج بالبدن من ذاته .
انظر : كتاب العين ٤ : ١٥٨ ، لسان العرب ٢ : ٢٥١ ، ـ مادة خرج ـ .
(٣) في «م» : «شيء يصفه» بدل «صفة» .
(٤) الكْسْبُ ، بالضم ـ الكُنْجارَق ، ويقال : الكُسبجُ ـ عُصارة الدُهن ، فارسية معربة .
انظر : كتاب العين ١ : ٣١٥ ، لسان العرب ١ : ٧١٧ ـ كسب ـ .
(٥) دَافَ زَيدٌ الشيء يَدُوفُهُ دَوْفاً : بَلَّهُ بماء أو غيره .
انظر : المصباح المنير : ٢٠٣ .