فلمّا بلغت الأبيات النجاشي سرّ بها سروراً عظيماً ، ولم يكن يطمع أن يمدحه أبو طالب بشعر ، فزاد في إكرامهم وأكثر من إعظامهم ، فلمّا علم أبو طالب رضىاللهعنه سرور النجاشي قال شعراً يدعوه إلى الإسلام ، ويحثّه على اتّباع النبيّ صلىاللهعليهوآله فقال :
تعلّم (خيار الناس)(١) أنّ محمّداً |
|
وزير لموسى والمسيح بن مريم |
أتى بالهدى مثل الذي أتيا به |
|
فكلٌّ بأمر اللّه يهدي ويعصم |
وإنّكم تتلونه في كتابكم |
|
بصدق حديث لا حديث الترجّم |
فلا تجعلوا للّه ندّاً وأسلموا |
|
فإنّ طريق الحقّ ليس بمظلم |
وإنّك ما يأتيك منّا عصابة |
|
لقصدك إلاّ أرجعوا بالتكرّم(٢)(٣) |
وقد نقل هؤلاء وغيرهم أيضاً : أنّه لمّا رأت قريش جمعيّة الجماعة على رسول اللّه صلىاللهعليهوآله وإسلام حمزة وجعفر وردّ عمرو بن العاص من عند النجاشي منكوباً ، فأجمعوا أمرهم على أن يقتلوا رسول اللّه صلىاللهعليهوآله علانية ، فلمّا رأى ذلك أبو طالب رضىاللهعنه جمع بني عبد المطّلب فأجمع لهم أمرهم على أن يدخلوا برسول اللّه صلىاللهعليهوآله شعبهم ، فاجتمعت قريش في دار الندوة وكتبوا صحيفة على بني هاشم أن لا يكلّموهم ولا يزوّجوهم ولا يتزوّجوا
____________________
(إحسان) ، (أبيت اللّعن) بدل (خيار الناس) . إيمان أبي طالب لسيّد فخّار : ٢٦٨ ـ ٢٦٩ .
وانظر : السيرة النبوية لابن إسحاق : ٢٢١ ، السيرة النبوية لابن هشام ١ : ٣٥٧ .
(١) بدل ما بين القوسين في «م» هكذا : «مليك الحبش» وكذا في هامش «ن» .
(٢) السيرة النبوية لابن إسحاق : ٢٢٢ ، شعر أبي طالب وأخباره : ٨٥ ، ولم يرد فيه : البيت الرابع (فلا تجعلوا للّه ...) ، وانظر : إيمان أبي طالب (ضمن مصنّفات الشيخ المفيد ج ١٠) : ٣٨ ، إعلام الورى ١ : ١١٨ ، قصص الأنبياء للراوندي : ٣٢٣ .
(٣) عنه السيّد فخّار في إيمان أبي طالب : ٢٥٦ ـ ٢٧٠ ، والمجلسي في بحار الأنوار ٣٥ : ١٢١ / ١٦٥ بتفاوت فيهما .