وروى جمع : أنّ أبا طالب رضىاللهعنه أراد الخروج إلى بُصرى الشام لتجارة له في صغر سنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فتعلّق النبيّ صلىاللهعليهوآله به وناشده في إخراجه معه ، فأخذه ـ إلى أن قال : ـ فكان تظلّه الغمام في الطريق ، فلقيهم بحيرا الراهب ، فأخبر أبا طالب رضىاللهعنه بنبوّته ، وذكر له البشارة في الكتب الاُولى به ، وحثّ أبا طالب على الرجوع به إلى أهله ، وقال له : إنّي أخاف عليه من اليهود فإنّهم أعداؤه . فأنشأ أبو طالب يقول :
إنّ ابن آمنة النبيّ محمّداً |
|
عندي بمثل منازل الأولاد(١) |
إلى آخر أبياته .
ثمّ إنّه رجع بالنبيّ إلى مكّة ولم يفارقه ، ولا أخرجه بعدها إلى سفر وكان يحرسه ما دام حيّاً(٢) .
وبالجملة : فضائل أبي طالب رضىاللهعنه وحمايته ونصرته وإعانته للنبيّ صلىاللهعليهوآله وترويج الدين كثيرة لا حاجة إلى استقصائها هاهنا ، وهي مذكورة في مواضعها ، وكفى ما ذكرناه ، وكلّ ذلك ينادي بكمال إيمانه أيضاً ، كما عليه إجماع أهل البيت عليهمالسلام ، فإنّهم مجمعون على إيمان آباء النبيّ صلىاللهعليهوآله وعليّ صلوات اللّه عليه ، واُمّهاتهما ، بمعنى : انتقالهما أبداً من الأصلاب الطاهرة واستقرارهما في الأرحام المطهّرة ، أي : عن لوث الكفر والشرك والسفاح جميعاً ، وعلى الخصوص عبد المطّلب ، وأبو طالب ، وعبد اللّه ،
____________________
(١) شعر أبي طالب وأخباره : ٦٣ ، وصدره فيه هكذا : إنّ الأمين محمّداً في قومه ، و(يفوق) بدل (بمثل) ، وورد نصّه في سيرة ابن إسحاق : ٧٦ .
(٢) انظر : سيرة ابن اسحاق : ٧٣ ، إعلام الورى ١ : ٦٥ ، إيمان أبي طالب (ضمن مصنّفات الشيخ المفيد ، ج ١٠) : ٣٦ ، إيمان أبي طالب للسيّد فخّار : ٣٢١ ـ ٣٢٢ ، مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ١ : ٦٥ ، تاريخ مدينة دمشق ٣ : ١٠ ـ ١٢ ، والعدد القويّة : ١٢٨ / ٤١ .