أيضاً ذكره بحيث لا يدلّ على غضبها ، لكنّه غفل فذكر قوله : يترضّاها ، وهو كافٍ لنا في إتمام المطلوب ؛ لأنّ قوله : يترضّاها ، صريح في أنّها كانت غاضبة ، ولم يذكر أنّها رضيت أم لا؟ ودفنها ليلاً ينادي بعدم رضاها ، مع أنّه من البيّن أنّها لو رضيت لذكر ذلك بالشدّ والمدّ ، فعلى هذا ، هذا الخبر أيضاً مع ما فيه من ارتكاب التمويه من شواهد صحّة مضمون رواية القتيبي وغيره .
ثمّ إنّ من الأخبار المموّهة ما ذكره السيوطي : من مسند أحمد ، وصحيح أبي داود ، وكتاب أبي يعلى ، وذكره الحُميدي أيضاً في الجمع بين الصحيحين ، وكذا الجوهري في كتاب السقيفة عن أبي الطفيل قال : جاءت فاطمة عليهاالسلام إلى أبي بكر ، فقالت : «يا أبا بكر ، أنت ورثت رسول اللّه صلىاللهعليهوآله أم أهله؟» قال : لا بل أهله ، قالت : «فما بال الخمس؟» ـ وفي رواية : «فما بال سهم رسول اللّه صلىاللهعليهوآله؟» ـ ، فقال : سمعت رسول اللّه صلىاللهعليهوآله يقول : إذا أطعم اللّه نبيّاً طعمة ثمّ قبضه كانت للذي يلي بعده ، فلمّا ولّيت رأيت أن أردّه على المسلمين ، قالت : «فأنت وما سمعتَ من النبيّ صلىاللهعليهوآلهأعلم» ثمّ رجعت(١) .
وذلك لأنّ قولها الأخير إمّا على سبيل الطعن والاستنكار ، وإمّا على التصديق ، والثاني باطل ؛ لمنافاته لما ثبت ممّا مرّ ويأتي من غضبها وسخطها عليه ، فثبت الأوّل ، اللّهمّ إلاّ أن يقال : لعلّ غضبها كان لغير منع سهم النبيّ صلىاللهعليهوآلهمن الخمس كمنع فدك والإرث وسهم ذوي القربى مثلاً .
____________________
(١) مسند أحمد ٩ / ١٥ ، سنن أبي داود ٣ : ١٤٤ / ٢٩٧٣ ، مسند أبي يعلى ١ : ٤٠ / ٣٧ ، و١٢ : ١١٩ / ٦٧٥٢ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٦ : ٢١٨ ، السقيفة وفدك : ١٠٦ ، جامع الأحاديث ١٣ : ٨٧ / ٣١١ ، و١٨ : ٢١٨ / ١٢٠٩٦ ، ولم نعثر عليه في الجمع بين الصحيحين .