شراكة المسلمين .
ومع هذا يرد على ما في الأُولى ما أورده ابن أبي الحديد حيث قال : لقائلٍ أن يقول : أيجوز للنبيّ صلىاللهعليهوآله أن يملّك ابنته أو غير ابنته من أفناء الناس ضيعةً مخصوصةً ، أو عقاراً مخصوصاً من مال المسلمين ، لوحي أوحى اللّه تعالى إليه ، أو لاجتهاد رأيه على قول من أجاز له أن يحكم بالاجتهاد ، أو لا يجوز للنبيّ صلىاللهعليهوآله ذلك ؟
فإن قال أحد : لا يجوز ، قال ما لا يوافقه العقل ولا المسلمون عليه .
وإن قيل : يجوز له ذلك ، يقال له : إنّ فاطمة عليهاالسلام ما اقتصرت على الدعوى ، بل قالت : «أُمّ أيمن تشهد لي» فكان الجواب إمّا ردّ شهادتها بأنّها وحدها غير مقبولة أو قبولها ، ولم يتضمّن الخبر ذلك ، بل قال لها لمّا ادّعت وذكرت من يشهد لها : هذا مال لم يكن لرسول اللّه صلىاللهعليهوآله ، وهذا ليس بجواب صحيح(١) .
أقول : ومع هذا فقد ناقض هو قوله هذا في حكاية دعوى جابر حيث قال له ـ كما روي في صحيح البخاري وغيره ـ : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله وعدني بثلاث حثوات من مال البحرين ، فأعطاه ذلك بغير بيّنة(٢) ، وكذا فَعَل نحو هذا بالنسبة إلى غيره ، منهم جرير بن عبد اللّه(٣) .
والعجب أنّ عطايا النبيّ صلىاللهعليهوآله لغير فاطمة عليهاالسلام تصحّ عند أبي بكر ولو بدون الشهود ، وبمحض دعوى الوعد ، ولفاطمة عليهاالسلام لا تصحّ ولو مع الشهود والتصرّف ، فافهم .
____________________
(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٦ : ٢٢٥ .
(٢) صحيح البخاري ٣ : ٢٠٩ ، صحيح مسلم ٤ : ١٨٠٦ / ٢٣١٤ .
(٣) الطرائف ١ : ٣٦٢ .