في أعلا مراتب العصمة عن الخطأ والزلل والغلط في القول والعمل ، والتصدّي لما لا يرضى به اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله فضلاً عن ارتكاب الباطل وما هو من أفعال الجاهل الراغب في الدنيا ، لاسيّما مع الإصرار عليه والمعاندة فيه .
فالآن نشرع في بيان نبذ ممّا جرى عليها بعد رسول اللّه صلىاللهعليهوآله من التعدّي والتفريط ؛ بحيث أجهرت بالشكوى ، وأظهرت الوجد والغضب على المتعدّين عليها ، حتّى أنّها أوصت بمنعهم عن حضور جنازتها ؛ إذ لا يخفى حينئذٍ على كلّ منصف متذكّر لما ذكرناه في شأنها أنّ صدور مثل هذا عنهم قدح صريح فيهم ، حيث لم يبالوا أوّلاً بما ورد في حقّها ، ولم يخافوا ثانياً من غضب اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله ، ولا من اللعن الذي جعله اللّه جزاء أذيّة اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله ، ولم يتوجّهوا أصلاً إلى أنّ مثل هذا الشخص الذي وردت فيه أمثال ما ذكرناه لابدّ أن يكون مثل النبيّ صلىاللهعليهوآله مصوناً عن التمسّك بالباطل والوقوع في الغلط والضلال ، وإلاّ لم يجز على اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله الأمر باسترضائها مطلقاً ، وإلزام الناس على ترك ما يسخطها كلّيّاً ؛ لوجوب ردع أهل الباطل مطلقاً ، ولا يمكن ارتكاب تخصيصٍ هاهنا ؛ لاستلزامه حينئذٍ عدم فرق بينها وبين سائر الأخيار ، فلا محالة حينئذٍ لابدّ من القول إمّا بعصمتها عن الوقوع في الباطل وارتكاب ما ليس بحقّ ، أو بكونها بحيث يجب عدم إدخال المكروه عليها وإن كانت على الباطل ، وإذا لم يجز القول بالأخير ثبت الأوّل .
وعلى أيّ تقدير لا يمكن بعد ملاحظة جميع ما ورد فيها تجويز ارتكاب ما يورث تألّمها بوجه من الوجوه ، فافهم هذا ، ثمّ استمع لما نتلوه عليك .
ففي كتاب المناقب بإسناد له عن عِكرمة ، عن عبد اللّه بن عباس ،