أقول : لو ذكرنا جميعَ الأسئلة التي سألوه ولو في غير ذلك المجلس ، بل نبذاً منها لطال الكلام ، حتّى أنّ الكليني وغيره رووا عن القمّي عن أبيه إبراهيم بن هاشم ـ وهو من رجال الرضا والجوادعليهماالسلاموأصحابهما ـ قال : دخل على أبي جعفر عليهالسلام قومٌ من أهل النواحي من الشيعة ، فسألوه في مجلسٍ واحدٍ عن ثلاثين ألف مسألةٍ فأجاب عليهالسلام وله عشر سنين(١) .
وروى جمع ، منهم : الكليني عن محمّد بن الحسن بن عمّار ، قال : كنتُ عند عليّ بن جعفر بن محمّد الباقر عليهماالسلام جالساً بالمدينة ، وقد كنتُ أقمتُ عنده سنتين أكتب عنه ما سمع من أخيه أبي الحسن موسى عليهالسلام ، إذ دخل عليه أبو جعفر محمّد بن عليّ الرضا عليهماالسلام المسجد ـ مسجد الرسول صلىاللهعليهوآله ـ فوثب عليّ بن جعفر بلا حذاءٍ ولا رداءٍ فقبّل يده وعظّمه ، فقال له أبو جعفر عليهالسلام : «يا عمّ ، إجلس رحمك اللّه» فقال : يا سيّدي ! كيف أجلس وأنت قائم ، فلمّا رجع عليّ بن جعفر إلى مجلسه جعل أصحابه يُوَبِّخُونَهُ ويقولون : أنت عمّ أبيه وأنت تفعل به هذا الفعل ؟ فقال : اسكتوا ، إذا كان اللّه عزّ وجلّ ـ وقبض على لحيته ـ لم يُؤهّل هذه الشيبة وأهّل هذا الفتى ووضعه حيث وضعه ، أُنكر فضله ، أعوذ باللّه ممّا تقولون ، بل أنا له عبد(٢) .
وروى جمع عن الخيراني الخادم ، عن أبيه ، قال : كنتُ واقفاً بين
____________________
(١) الكافي ١ : ٤١٥ / ٧ (باب مَولِد أبي جعفر محمّد بن عليّ الثانيعليهالسلام) ، مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ٤ : ٤١٥ ، كشف الغمّة ٢ : ٣٦٤ .
(٢) الكافي ١ : ٢٥٨ / ١٢ (باب الإشارة والنصّ على أبي جعفر الثانيعليهالسلام) ، بحار الأنوار ٥٠ : ٣٦ / ٢٦ .