(وقيل : قال)(١) : على دين عبد المطّلب(٢) .
ولا يخفى أنّ هذا الكلام وإن سلّمناه لا ينافي إيمانه ، بل يدلّ عليه ؛ إذ لا كلام عندنا أنّ عبد المطّلب وسائر آبائه ومشايخه كانوا مؤمنين باطناً بنحو ما كان أبو طالب ، فمبنى كلامه على التورية ، كما صدر مثله من مؤمن آل فرعون ، حيث وشى جمع فيه وقالوا لفرعون : إنّه يقول بإله موسى عليهالسلام ، فعاتبه فرعون بمحضر منهم فتوجّه إليهم وقال : من ربّكم أنتم ؟ قالوا جميعاً : نحن نشهد أنّ ربّنا هذا هو فرعون ، فقال : وأنا أيضاً أشهد أنّ الذي ربّكم هو ربّي وإلهي ومعبودي ، فسرّ فرعون بذلك وزجر القوم ونجا ذلك المؤمن بذلك من شرّهم . هذا مع ما مرّ من شهادة العبّاس وعليّ عليهالسلام وغيرهما بأنّ أبا طالب رضىاللهعنه تكلّم بالتوحيد ساعة موته(٣) ، فتأمّل .
ومنها : ما رواه بعضهم أيضاً ، منهم : البخاري ومسلم ـ اللّذَيْن ذكرنا ويأتي أيضاً غاية تعصّبهما ـ من أنّ قول اللّه تعالى : (إِنَّك لاَتَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ)(٤) نزل في أبي طالب(٥) ، حيث إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله كان يحبّه ويريد إيمانه ولم يكن يؤمن .
حتّى أنّ الزجاج(٦) قال : أجمع المفسّرون على أنّ هذه الآية نزلت
____________________
(١) بدل ما بين القوسين في «م» : «وفي رواية» .
(٢) انظر : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٤ : ٦٦ .
(٣) انظر : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٤ : ٧١ ، وتقدّم في ص ٤٥١ وما بعدها .
(٤) سورة القصص ٢٨ : ٥٦ .
(٥) صحيح البخاري ٥ : ٦٥ ـ ٦٦ ، و٦ : ١٤١ ، صحيح مسلم ١ : ٥٤ / ٣٩ .
(٦) هو إبراهيم بن السريّ بن سهل ، يكنّى أبا إسحاق ، كان من أهل العلم بالأدب