الخامس : وجود المناقضات التي تظهر ممّا نقلوا عن أبي بكر في هذا المقام .
فمنها : أنّه قال ـ على ما مرّ في رواية البخاري عن عائشة ـ : وإنّي واللّه لا أُغيّر شيئاً من صدقة النبيّ صلىاللهعليهوآله عن حالها التي كانت عليها في عهده ، ولأعملنّ فيها بما عمل به(١) .
ومع هذا فقد خالف قوله وحنث في حلفه ؛ إذ قد مرّ أيضاً من صحيح أبي داود والجمع بين الصحيحين وغيرهما ما كان صريحاً في أنّ أبا بكر لم يكن يعطي قربى رسول اللّه صلىاللهعليهوآله من الخمس وسهم ذوي القربى وغيره ، كما كان يعطيهم رسول اللّه صلىاللهعليهوآله (٢) .
وما وجّهه بعض المتعصّبين من أنّ المراد أنّه كان يعطيهم أزيد(٣) ، غلط صريح ؛ لصراحة بعض تلك الأخبار في أنّه كان يجعل سهم ذوي القربى المعيّن لهم أيضاً في السلاح والكراع ونحو ذلك(٤) ، وأنّه منع فاطمة عليهاالسلام وبني هاشم عن ذلك ، وأنّ عمر وعثمان بعده كانا يعطيانهم(٥) ، حتّى لقد مرّ في حديثٍ أنّه جعل فدك حبوة له(٦) ، بل في أصل حديث البخاري : أنّه لم يعط فاطمة عليهاالسلام منها شيئاً(٧) ، مع أنّه من المعلوم الواضح الصريح في كلام أبي بكر على ما في بعض الأخبار أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله كان
____________________
(١) صحيح البخاري ٥ : ١٧٧ .
(٢) سنن أبي داود ٣ : ١٤٥ / ٢٩٧٨ و٢٩٧٩ ، الجمع بين الصحيحين ٣ : ٣٦٩ / ٢٨٥٦ ، جامع الأُصول ٢ : ٦٩٢ .
(٣) انظر : مرقاة المفاتيح ٧ : ٥٦٢ ، عون المعبود ٨ : ١٤١ .
(٤) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٦ : ٢٣١ .
(٥) انظر : سنن أبي داود ٣ : ١٤٥ / ٢٩٧٨ ، الجمع بين الصحيحين ٣ : ٣٦٩ ـ ٣٧٠ .
(٦) المسترشد : ٤٩٨ / ١٧ ، وتقدّم تخريجه ص ٣٧٤ ، الهامش (٣) .
(٧) صحيح البخاري ٥ : ١٧٧ .