قَدِيرٌ)(١) ، فبيّن فيه أنّ القرى التي يطيعون أهلها من غير أن يسار إليهم على خيل ولا إبل ليست كغيرها ، بل هي من الفيء ، أي : الذي ردّه اللّه من الكفّار على رسوله صلىاللهعليهوآله بلا مدخليّة عسكر ، فليست كسائر البلاد التي تفتح على يد الناس ؛ ولهذا ذكر بعده حكم هذا وأنّه لمن هو ، فقال : (مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ)(٢) ، ولا كلام لأحد في كون فدك من الفيء ، ولم يوجف عليها بخيل ولا ركاب ، بل سلّمها أهلها ، وكذلك أمثالها كالعوالي وينبع مثلاً ، كما في صريح رواية القوم عن ابن عبّاس وغيره(٣) .
وعلى هذا فكانت فدك نصفها للّه ولرسوله صلىاللهعليهوآله ولذي القربى ، ولا شكّ في كون المراد بذي القربى قرابة الرسول صلىاللهعليهوآله وأهل بيته الذين فاطمة منهم قطعاً ، كما سيأتي كمال توضيحه في مواضع عديدة ، منها : ما سيأتي في الفصل التاسع من قوله تعالى : (لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ)(٤) مع أنّ هذا التفسير ممّا أجمع عليه أئمّة أهل البيت عليهمالسلام ، وكافّة فِرَق الشيعة ، وعامّة علماء المخالفين ، كابن عبّاس ، والحسن البصري ، ومجاهد ، والشافعي ، وأبي حنيفة ، وقتادة ، وعطاء ، وغيرهم(٥) .
____________________
(١) سورة الحشر ٥٩ : ٦ .
(٢) سورة الحشر ٥٩ : ٧ .
(٣) مجمع البيان ٥ : ٢٦٠ ، تفسير القرطبي ١٨ : ١٢ .
(٤) سورة الشورى ٤٢ : ٢٣ .
(٥) تفسير العيّاشي ٣ : ٤٥ / ٢٤٩٠ ـ ٢٤٩٤ ، تفسير القمّي ٢ : ٢٧٥ ، الطرائف ١ : ١٥٩ / ١٦٧ ، مجمع البيان ٥ : ٢٨ ، فقه القرآن للراوندي ١ : ٢٤٨ ، تفسير القرطبي ٨ : ١٢ ، و١٦ : ٢١ و٢٢ ، تفسير البغوي (معالم التنزيل) ٥ : ٨٠ ، أحكام القرآن للبيهقي : ٧٦ ، الصواعق المحرقة : ٢٥٨ ، الكشف والبيان ٨ : ٣١٠ ، الوسيط ٤ : ٥٢ ، فضائل الطالبيّين : ١٦٩ ، الدرّ المنثور ٧ : ٣٤٧ ، زاد المسير ٧ : ٢٨٤ .