ومضى ، فلم يلبث أن عاد إلينا حاسراً عن ذراعيه ، ضاحكاً مستبشراً ، فقلنا : أضحك اللّه سنّك ، وأقرّ عينك ، وجعلنا اللّه فداك ما فعلت حُميدة ؟ قال : «سَلَّمَها اللّه تعالى ، وقد وهب لي غلاماً وهو خير أهل الأرض في زمانه ، ولقد أخبرتني اُمّه عنه بما كنتُ أعلم به منها» ، فقلت : جُعلت فداك فما الذي أخبرتكَ به عنه ؟ فقال : «ذَكَرتْ أنّه سقط من بطنها حين سقط ، واضعاً يده على الأرض ، رافعاً رأسه إلى السماء ، يشهد أن لا إله إلاّ اللّه ، فقلت لها : إنّ ذلك أمارةُ رسول اللّه صلىاللهعليهوآله وأمارة الأئمّة من بعده » الخبر ، إلى أن قال : فقال عليهالسلام : « فدونكم فهو واللّه صاحبكم من بعدي »(١) . والخبر طويل أخذنا منه موضع الحاجة .
وقال الذهبي في كتاب تاريخ الإسلام : موسى الكاظم هو الإمام أبو الحسن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب الهاشمي العلوي الحسيني ، والد علي بن موسى الرضا .
روى عن أبيه ، وروى عنه بنوه ، وأخواه محمّد وعليّ ابنا جعفر .
كان مولده في سنة ثمانٍ وعشرين ومائة .
قال : وقال أبو حاتم : هو ثقة إمام . وقال غيره : كان صالحاً عالماً عابداً أميناً .
قال : وقال عبد الرحمان بن صالح الأزدي : إنّ الرشيد زار قبر النبيّ صلىاللهعليهوآله فقال : السلام عليك يا رسول اللّه ، يابن عمّ ، يفتخر بذلك ، فتقدّم موسى بن جعفر عليهالسلام فقال : « السلام عليك يا أبه» ، فتغيّر وجه الرشيد وقال : هذا الفخر يا أبا الحسن ، حقّاً .
____________________
(١) انظر : المحاسن ٢ : ٣٠ / ١١٠٣ ، بصائر الدرجات ٤٦٠ / ٤ ، الكافي ١ : ٣١٦ / ١ ، (باب مَواليد الأئمّة عليهمالسلام ) ، دلائل الإمامة : ٣٠٣ / ٢٥٨ ، الدرّ النظيم : ٦٥٠ .