فقال : يا بنيّ ، واللّه لو نازعتني أنت هذا الأمر لأخذت الذي فيه عيناك ، إنّ الملك عقيم .
قال المأمون : فلمّا قرب رحيله من المدينة أمر بُصرّة فيها مائتا دينار ، ثمّ أقبل على الفضل وقال : إذهب بهذه إلى موسى بن جعفر عليهماالسلام وقل له : نحن في ضيقة وسيأتيك بِرّنا بعد هذا .
قال : فقمت في وجهه وقلت : يا أمير المؤمنين ، تعطي سائر قريش ومَنْ لا تعرف نسبه ، خمسة آلاف دينار إلى ما دونها وتعطي موسى بن جعفر أخسّ عطيّة ، وقد أعظمته وأجللته ، فقال : اسكت ، لا أُمّ لك ، إنّي لو أعطيته كثيراً من يضمنه لك واللّه ، ما كنت آمنه أن يضرب وجهي غداً بمائة ألف سيف من شيعته ومواليه ، وفقر هذا وأهل بيته أسلم لي ولكم من بسط أيديهم(١) .
وروى الفضل بن الربيع ، وغيره ، قالوا : دخل موسى بن جعفر عليهماالسلام على الرشيد ، وقد كان همّ به سوءً ، فلمّا رآه ، وثب إليه ، وعانقه ، وخلع عليه ووصله ، فلمّا خرج موسى من عنده ، قال الفضل : يا أمير المؤمنين ، أردت أن تضرّه وتعاقبه ، فخلعت عليه وأجزته ؟ فقال : يا فضل ، إنّي اُبلغت عنه شيئاً عظيماً فهممت به فرأيته عند اللّه وجيهاً عظيماً ، فإنّه لمّا دخل رأيت أقواماً قد أحدقوا بداري بأيديهم حراب قد غرزوها في أصل الدار ، وهم يقولون : إن آذى ابن رسول اللّه خسفنا به ، وإن أحسن إليه انصرفنا عنه(٢) ، الخبر .
____________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١: ٨٨ / ١١ ، الاحتجاج ٢ : ٣٤١ ، الدرّ النظيم : ٦٥٥ ، بحار الأنوار ٤٨ : ١٢٩ / ٤ بتفاوتٍ فيها .
(٢) المجتنى من الدعاء المجتبى ـ المطبوع في ذيل مهج الدعوات ـ : ٤٥٨ ، الدرّ النظيم : ٦٥٦ .