وأمين ناطق ، وإنّ شأنه أعظم شأن ، ومكانه من ربّه أعلى مكان ، فأجيبوا دعوته واجتمعوا على نصرته ، وراموا عدوّه من وراء حوزته ، فإنّه الشرف الباقي لكم طول الدهر ، ثمّ أنشأ يقول :
أُوصي بنصر النبيّ الخير مشهده |
|
عليّاً ابني وعمّ الخير عبّاسا |
وحمزة الأسد المخشيّ صولته |
|
وجعفراً أن يذودوا دونه الناسا |
وهاشماً كلّها أُوصي بنصرته |
|
أن يأخذوا دون حرب القوم أمراسا |
(كونوا فداءَ لكم نفسي)(١)وما ولدت |
|
من دون أحمد عند الروع أتراسا |
بكلّ أبيض مصقول عوارضه |
|
تخاله في سواد الليل مقباساً(٢)(٣) |
وممّا نقل هؤلاء وغيرهم كابن الجوزيّ عن الواقديّ ، واللفظ للواقدي : أنّ أبا طالب رضىاللهعنه كان لا يغيب صباح النبيّ صلىاللهعليهوآله ومساءه ، وكان يحرسه من أعدائه ويخاف أن يغتالوه ، فلمّا كان ذات يوم فقده فلم يره ، وجاء المساء فلم يره ، وأصبح فطلبه في مظانّه فلم يجده ، فجمع ولدانه وعبيده ومن يلزمه في نفسه ، فقال : إنّ محمّداً صلىاللهعليهوآله فقدته في أمسنا يومنا هذا ، ولا أظنّ إلاّ أنّ قريشاً قد اغتالته وكادته ، وقد بحثت عنه فلم أجده ، وقد بقي هذا الوجه ما جئته ، وبعيد أن يكون فيه ، ثمّ أعطاهم المدي وفيهم من عبيده عشرون رجلاً ، ثمّ قال لهم : ليمض كلّ رجل منكم وليجلس إلى جنب سيّد من سادات قريش ، فإن أتيت ومحمّداً صلىاللهعليهوآله معي فلا تحدثنّ أمراً وكونوا على رسلكم حتّى أقف عليكم ، وإن جئت وما معي
____________________
(١) في «ل» «م» ما بين القوسين هكذا : «كوني فداءً لكم اُمّي» .
(٢) شعر أبي طالب وأخباره : ٨١ .
(٣) تفسير مقاتل بن سليمان ١ : ٥٥٦ ، وعنه ابن شهرآشوب في مناقبه ١ : ٩٢ ـ ٩٣ ، والمجلسي في بحار الأنوار ٣٥ : ٨٩ ـ ٩٠ .