العسكر والحرب والصلاة فيها ، فسعى بأبي الحسن عليهالسلام إلى المتوكّل في كتاب أرسله إليه ، وكان عدوّاً له قاصداً للأذى به حسداً ، حتّى كتب إليه أنّه يدّعي الإمامة ويريد الخروج ، فلمّا بلغ الإمام سعايته فيه ، كتب إلى المتوكّل يَذكر تَحامل عبد اللّه بن محمّد عليه ، ويذكر تكذيبه فيما سعى به ، فكتب إليه المتوكّل كتاباً مع يحيى بن هرثمة مشتملاً على عزل عبد اللّه عن عمله ، وأنّه يشتهي أن يرحل الإمام إليه ، لكن كتاباً على جميل من القول والفعل ، فأتى به يحيى مع عسكره إليه ، فتجهّز للرحيل ، وخرج مع يحيى وعسكره حتّى أتى سرّ من رأى ، وهذا نسخة الكتاب التي كتبت من عند يحيى بن هرثمة :
بسم اللّه الرحمن الرحيم
أمّا بعد : فإنّ أمير المؤمنين عارف بقدرك ، راعٍ لقرابتك ، موجب لحقّك ، يقدر من الأُمور فيك وفي أهل بيتك ما أصلح اللّه به حالك وحالهم ، وثبت به عزّك وعزّهم ، وأدخل اليُمن والأمن عليك وعليهم ، يبتغي بذلك رضا ربّه وأداء ما افترض عليه فيك وفيهم ، وقد رأى أمير المؤمنين صَرفَ عبد اللّه بن محمّد عمّا كان يتولاّه من الحرب والصلاة بمدينةِ الرسول صلىاللهعليهوآله إذ كان على ما ذكرتَ من جهالته بحقّك واستخفافه بقَدرك ، وعند ما قَرفَكَ(١) به ونسبك إليه من الأمر الذي قد عَلم أمير المؤمنين براءتك منه ، وِصدْقَ نيّتك في ترك مُحاوَلَته . . . وقد ولّى أمير المؤمنين ما كان يلي من ذلك محمّد بن الفضل ، وأَمَرَه بإكرامك وتبجيلك
____________________
(١) قَرَف فلانٌ فلاناً : إذا عابه واتّهمه . انظر : مجمع البحرين ٥ : ١٠٨ ، والصحاح ٤ : ١٤١٥ ـ قرف ـ .