______________________________________________________
استيفاء المنفعة بها.
واعلم أن عبارة المصنف لا تخلو من مؤاخذة ، لأن قوله : ( ويحتمل عدمه ) إن أراد به عدم الافتقار إلى تعيين الماشية ـ وهو الظاهر ـ لم يرتبط به قوله : ( لأنها ليست المعقود عليها ) ، فإن ذلك لا يكون دليل عدم الافتقار إلى التعيين كما هو ظاهر.
وإن أراد به عدم البطلان بموتها ففساده أظهر ، لأنه على تقدير وقوع التعيين تبطل الإجارة بموت ذلك المعين قطعاً وإن لم يكن التعيين شرطاً. وفساد قوله : ( لأنها ليست المعقود عليها ) حينئذ أظهر.
ويمكن تكلّف حذف شيء في العبارة ، ويكون الضمير في قوله : ( ويحتمل عدمه ) عائداً إلى مصدر ( افتقر ) والتقدير : ويحتمل عدم الافتقار إلى التعيين ، فإذا لم يعين لم تبطل الإجارة بموتها ، لأنها ليست المعقود عليها. وهذا وإن كان صحيحاً إلا أن فيه من التعسف ما لا يخفى.
وقد اضطرب كلام الشارح هنا : حيث جعل الاحتمال قولاً للشيخ في المبسوط (١) ، حيث جوز الاستئجار لرعي الغنم من غير تعيين للغنم ولا للقدر (٢). وليس بشيء ، لأن الشيخ جوّز هذا إذا كان الاستئجار مدة معلومة لا مقدراً بالعمل.
إذا تقرر هذا فاعلم أن الذي يقتضيه النظر : أنه إن قدّر الرعي بالعمل أو بالمدة ، وعيّن جنس الماشية وقدرها كفى ذلك في صحة الإجارة ، ولا حاجة إلى تعيين شخصها ، لأن الغرر يندفع بما ذكرناه ، فإن عين بطلت الإجارة بموتها وإلا لم تبطل.
__________________
(١) المبسوط ٣ : ٢٥٠.
(٢) إيضاح الفوائد ٢ : ٢٦٥.