بعلمه أم بماذا؟ فصاح مالك : اسكت عن هذا وغضب غضباً شديدا (١).
٥ ـ قد بلغ تطرّف إمام الحنابلة إلى حدّ أنّ أبا ثور ( م ٢٤٠ ) فسّر حديث رسول اللّهصلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّ الله خلق آدم على صورته » على وجه لا يستلزم التجسيم والتشبيه بإرجاع الضمير إلى آدم حتّى يتخلّص من مغبّتهما ، فهجره أحمد ، فأتاه أبو ثور ، فقال أحمد : أيّ صورة كانت لآدم يخلق عليها ، كيف تصنع بقوله : ( خلق آدم على صورة الرحمان ) فاعتذر أبو ثور وتاب بين يديه (٢).
فالدواء عنده لكلّ داء هو الدّعوة إلى التعبّد بالنّصوص تعبّداً حرفياً من غير تحليل ولا تفسير.
٦ ـ إنّ أحد أصحابه ، الحارث المحاسبي ( م ٢٤٣ ) ألّف كتاباً في الردّ على المعتزلة ، فأنكره أحمد وهجره. ولمّا اعترض عليه المحاسبي بأنّ الردّ على البدعة فرض ، أجاب أحمد بقوله : إنّك حكيت شبهتهم أوّلاً ثمّ أجبت عنها فلم تأمن أطالع الشّبهة ولا ألتفت إلى الجواب أو أنظر إلى الجواب ولا أفهم كنهها (٣).
يلاحظ عليه : أنّه لا شكّ في أنّ الردود على أصحاب البدع والضلالات ، يجب أن تكون بشكل تهدي الاُمّة ولا تضلّها ، وتقمع الإشكال ولا ترسّخه. فمن كانت له تلك الصلاحية فعليه القيام بالردّ والنقد. فهذا هو القرآن الكريم الأسوة المباركة ، ينقل آراء المشركين ثمّ ينقضها ويدمِّرها ، وإلاّ فمعنى ذلك أن يفسح المعنيّون من علماء الإسلام للأبالسة أن يهاجموا الإسلام ويضعضعوا أركانه ، ويتّخذوا الأحداث والشبّان فريسة لأفكارهم يفتكون بهم ، ويكون الغيارى من المسلمين القادرون على دفع هجومهم ، متفرّجين في مقابل جرأة العاصي وحملة الماجن « ما هكذا تورد يا سعد الإبل ». وكيف يرضى الشارع الّذي جعل الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر فريضة على المسلمين بهذه
__________________
١ ـ الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة ، لابن قيم الجوزي ، طبع مكة المكرمة ، عام ١٣٤٨ ج ٢ ص ٢٥١، كما في « المعتزلة » ص ٢٤٥.
٢ ـ نفح الطيب ج ٣ ص ١٥٣، كما في كتاب « المعتزلة ».
٣ ـ المنقذ من الضلال ص ٤٥ راجع كتاب المعتزلة ص ٢٤٥ ـ ٢٥١.