والشرّ إلى الشيطان (١).
يلاحظ عليه : أنّ نسبة الثنوية بالمعنى الّذي ذكره شيخ إسلام تركيا إلى المعتزلة رجم بالغيب ، فإنّ المعروف من مذهب المعتزلة فضلاً عن أسلافهم هو نسبة الخير والشرّ إلى الإنسان نفسه لا التّفريق بينهما.
وهذا كلام قاضي القضاة عبد الجبّار ، يمنع بتاتاً عن انتساب فعل الإنسان إلى الله خيره وشرّه ويقول : « إنّ أفعال العباد لا يجوز أن توصف بأنّها من الله ومن عنده ومن قبله ، وذلك واضح ، فإنّ أفعالهم حدثت من جهتهم وحصلت بدواعيهم وقصودهم ، واستحقّوا عليها المدح والذّم ، والثواب والعقاب فلو كانت من جهته تعالى أو من عنده أو من قبله لما جاز ذلك ... » (٢).
هذا بعض الكلام حول الحديث ومفاده ومن أراد البسط والاستيعاب فعليه المراجعة إلى « شرح الاُصول الخمسة ص ٧٧٢ ـ ٧٧٨، وشرح التجريد للعلاّمة الحلّي ، ص ١٩٦، ط صيدا وشرح المقاصد للتفتازاني ج ٢، ص ١٢٢ والتمهيد للباقلاني الفصل الثامن والعشرين ».
ولو أنّ الرّسول يعدّ القدريّة في هذا الحديث مجوس هذه الاُمّة ، ففي بعض ما روي عن ابن عمر عن الرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم عدّت نفاة القدر مجوس الاُمّة ، وإليك نزراً منه :
روى أحمد في مسنده عن ابن عمر عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : « لكلّ أُمّة مجوس ، ومجوس أُمّتي الّذين يقولون لا قدر ، إن مرضوا فلا تعودوهم وإن ماتوا فلا تشهدوهم » (٣).
وروى الترمذي وأبو داود عن نافع مولى ابن عمر أنّ رجلاً جاء ابن عمر فقال : « إنّ فلاناً يقرأ عليك السلام ، فقال ابن عمر : بلغني أنّه قد أحدث التكذيب بالقدر ،
__________________
١ ـ تاريخ المذاهب الاسلاميّة : ج ١ ص ١٢٤.
٢ ـ شرح الاُصول الخمسة : ص ٧٧٨.
٣ ـ مسند أحمد : ج ٢ ص ٨٦.