أضف إليه أنّ المناسب على هذا الوجه هو التعبير « بالقادرية » لا « القدرية » بضمّ الفاء الّذي هو غير مأنوس للأذهان والأفهام.
٢ ـ إنّ الحديث من باب إطلاق الشيء وإرادة نقيضه ، أي نفاة القدر ومنكروه ، وسيأتي في حديث أحمد ما يوافق ذلك.
يلاحظ عليه : أنّه لم ير مثله في أمثالها ، فلا تطلق الجبريّة ، ولا العدليّة على نفاة الجبر والعدل.
أضف إليه أنّه لم يظهر من هؤلاء ـ أعني معبداً الجهني ولا غيلان الدمشقي ـ إنكار التقدير بالمعنى الصحيح ، غير المنافي للحريّة والاختيار ، فإذا أردنا أن نعرف مذهبهم في مجال القضاء والقدر ، فيلزم علينا الرجوع إلى مذهب خصومهم ، فإنّ الاُمور تعرف بأضدادها ، وحاشا أن يكون المسلم الواعي منكراً للقضاء والقدر الواردين في الكتاب والسنّة ، غير السالبين للاختيار والحريّة ، غير المنافيين لصحّة التكليف وبعث الرسل. وإنّما أنكروا القدر بالمعنى الّذي كان البلاط ومرتزقته ينتحلونه لتبرير أعمالهم الإجراميّة ، ولا يرون للإنسان ولا لأنفسهم أيّة مسؤوليّة فيها ، ويرفعون عقيرتهم بأنّ كلّ ما في الكون من خير وشر ، وكظّة وسغب ، إنّما يرجع إلى إرادته سبحانه. فلايصحّ الاعتراض على جوع المظلوم وشبع الظالم. وهؤلاء الأحرار قد قاموا في وجهالأمويين وأنكروا القدر بهذا المعنى الّذي يعرّف الإنسان كالريشة في مهبّ الريح. ونفي القدر بهذا المعنى ، غير نفيه بالمعنى الصّحيح سواء فسّر بالعلم والارادة الأزليين ، أم بتقدير الأشياء والقضاء على وجودها وتقدير الإنسان بينهما موجوداً مختاراً مسؤولاً عن فعله ، والقضاء على ما يصدر منه بهذه الصورة على ما أوضحناه في محلّه.
٣ ـ ما نقله الشيخ أبو زهرة عن الشيخ مصطفى الصبري شيخ إسلام ( تركيا ) السابق وهو مقاربة رأيهم بعض عقائد المجوس ، فالمجوس ينسبون الخير إلى الله والشرّ إلى الشيطان وكذلك هؤلاء القدريّة يفرقون بين الخير والشر فيسندون الخير إلى الله