بلقائه فمناظرته وإنّه لقيه في مسجد « ترفد » حتّى قطعه (١).
إنّ القضاء على العقل في ساحة العقائد ، والاعتماد على النّقل المحض ـ الّذي انقطع أثره بعد رحلة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى عصر أبي جعفر المنصور ـ إلاّ شيئاً لا يذكر أيّد هذه الحركات الرجعيّة لو لم نقل إنّة أنتجها.
ومن رافع ألوية التشبيه والتجسيم ، وناقل أقاصيص الأحبار والرهبان في القرن الثاني ، هو مقاتل بن سليمان الذي كان هو وجهم بن صفوان في مسألة التنزيه والتشبيه على طرفي نقيض ، فالأوّل غلا في التنزيه حتى عطّل ، وذاك غلا في الاثبات حتى شبّه فهذا معطّل وذاك مشبّه ، وقد مُلئت كتب التفاسير بأقوال مقاتل وآرائه فليعرف القارئ مكانه في الوثاقة وتنزيه الربّ عن صفات الخلق.
قال ابن حبّان : « كان يأخذ من اليهود والنصارى في علم القرآن الّذي يوافق كتبهم ، وكان يشبّه الربّ بالمخلوقات ، وكان يكذب في الحديث ».
قال أبو حنيفة : « أفرط جهم في نفي التشبيه ، حتّى قال إنّه تعالى ليس بشيء ، وأفرط مقاتل في الاثبات حتّى جعله مثل خلقه ».
وقال وكيع : « كان كذّاباً ».
وقال البخاري : « قال سفيان بن عيينة : سمعت مقاتلاً يقول : إن لم يخرج الدجّال في سنة خمسين ومائة فاعلموا أنّي كذّاب » (٢).
__________________
١ ـ طبقات المعتزلة للقاضي عبد الجبار : ٩٧ ـ ١٦٣.
٢ ـ لم يخرج الدجال في هذه السنة ولا بعدها ، فهل يبقى الشك في أنه كذّاب؟ نعم ، مات هو في تلك السنة فبموته مات الدجل والكذب القائم به.