وقاعدة مذهبه التجسيم ، وتوصيف الواجب باُمور حادثة ، وكلّ ما يذكره أصحاب الملل والنحل يرجع إلى هذا الأصل ، وأمّا أصنافهم فقد ذكر البغدادي أنّ للكرّامية بخراسان ثلاثة أصناف : حقائقية ، والطزائقية واسحاقية (١) وذكر الشهرستاني لها اثنتي عشرة فرقة وأنّ اُصولها ستّة.
وكانت الحركة الكرّامية ، حركة رجعية بحتة حيث دعا أتباعه إلى تجسيم معبوده ، وأنّه جسم له حدّ ونهاية من تحت والجهة الّتي منها يلاقي عرشه. وقال البغدادي : وهذا شبيه بقول الثنوية : إنّ معبودهم الّذي سمّوه نوراً ، يتناهى من الجهة التي تُلاقي الظلام وإن لم يتناه من خمس جهات.
ومن عقائده : أنّ معبودهم محلّ للحوادث وزعموا أنّ أقواله وإراداته ، وإدراكاته للمرئيات ، وإدراكاته للمسموعات ، وملاقاته للصفحة العليا من العالم ، أعراض حادثة فيه ، وهو محلّ لتلك الحوادث الحادثة فيه (٢).
ومن غرائب آرائه أنّه وصف معبوده بالثِّقل وذلك أنّه قال في كتاب « عذاب القبر » في تفسير قول الله عزّ وجلّ : ( إذا السماء انفطرت ) : أنّها انفطرت من ثقل الرحمان عليها.
إلى غير ذلك من المضحكات والمبكيات في الاُصول والفقه. وقد ذكر البغدادي آراءه الفقهيّة أيضاً وذكر فيه قصّة عجيبة من أرادها فليرجع إليه (٣).
إنّ للكرّامية نظريات في موضوعات اُخر ، ذكرها البغدادي ، وقد بلغت جرأتهم في باب النبوّة حتّى قال بعضهم : إنّ النّبيّ أخطأ في تبليغ قوله « ومناة الثالثة الاُخرى » حتّى قال بعده : « تلك الغرانيق العلى ، وإنّ شفاعتها ترتجى » (٤).
____________
١ ـ الفرق بين الفرق : ص ٢١٥.
٢ ـ الملل والنحل : ج ١ ص ١٠٨.
٣ ـ الفرق بين الفرق : ص ٢١٨ ـ ٢٢٥.
٤ ـ الفرق بين الفرق : ص ٢٢٢.