٧
المعتزلة
المعتزلة بين المدارس الكلاميّة المختلفة ، مدرسة فكريّة عقليّة ، أعطت للعقل القسط الأوفر والسّهم الأكبر حتّى فيما لا سبيل له للقضاء فيه ، ولها من نتائج الفكر والمعرفة ما شهد له التأريخ، ودلّت عليه كتب القوم ورسائلهم الباقية. وما نقله عنهم خصومهم وأعداؤهم. وباختصار ، إنّه مذهب فكري كبير يزخر بمعارف حول المبدأ والمعاد ، وبأنظار عقليّة أو تجريبيّة حول صحيفة الكون.
ومن المؤسف جدّاً أنّ هوى العصبيّة بل يد الخيانة والجناية لعبت بكثير من مخلّفاتهم الفكريّة وأطاحت به فأضاعتها بالخرق والمزق وإن كان فيما بقى وما كشفت عنه بعثة وزارة المعارف المصريّة إلى اليمن ونشرتها (١) كفاية لمن أراد التعرّف على المذهب عن لسان شيوخهم ، ثمّ دراستها ، وسنتلو عليك قائمة الكتب الباقية أو المنشورة في هذه الآونة الأخيرة عنهم ، وبالنّظر إليها يعلم أنّ الباقي يشكل طفيفاً من الكثير المضاع ـ ومع ذلك ـ فهو يستطيع أن يرسم لنا معالم هذا المذهب بوضوح بحيث يغني عن المراجعة إلى كتب خصومهم وأعدائهم.
إنّ ضياع كتب المعتزلة في القرون السابقة وعدم تمكّن الباحثين عنها ، ألجأهم في
__________________
١ ـ أصدرت دار الكتب المصرية عام ١٩٦٧ قائمة المخطوطات العربية المصوّرة بالميكروفيلم من الجمهورية العربية اليمنية. كما قامت بنشر كتب القاضي عبد الجبار رئيس الاعتزال في اوائل القرن الخامس فطبعت منها كتاب شرح الاُصول الخمسة وكتاب المغني له أيضاً في أربعة عشر جزءاً وغيرهما.