ولأجل ايقاف القارئ هذا الاستنتاج ، نضع أمامه شواهد من التأريخ والاعترافات الّتي أجهر بها شيوخ المعتزلة :
١ ـ هذا هو الكعبي إمام المعتزلة في أوائل القرن الرابع يقول : « والمعتزلة يقال إنّ لها ولمذهبها أسناداً تتّصل بالنبيّ وليس لأحد من فرق الاُمّة مثلها ، وليس يمكن لخصومهم دفعهم عنه ، وهو أنّ خصومهم يقرّون بأنّ مذهبهم يسند إلى واصل بن عطاء ، وأنّ واصلاً يسند إلى محمّد بن عليّ بن أبي طالب وابنه أبي هاشم عبدالله بن محمد بن علي ، وأنّ محمّداً أخذ عن أبيه علىّ وأنّ علياً عن رسول اللّهصلىاللهعليهوآلهوسلم (١).
٢ ـ كان واصل بن عطاء من أهل المدينة ربّاه محمّد بن عليّ بن أبي طالب وعلّمه ، وكان مع ابنه أبي هاشم عبدالله بن محمّد في الكتاب ، ثمّ صحبه بعد موت أبيه صحبة طويلة ، وحكي عن بعض السّلف أنّه قيل له : كيف كان علم محمّد بن عليّ؟ فقال : إذا أردت أن تعلم ذلك فانظر إلى أثره في واصل. ثمّ انتقل واصل إلى البصرة فلزم الحسن ابن أبي الحسن (٢).
٣ ـ وقال القاضي عبد الجبّار في « طبقات المعتزلة » : « وأخذ واصل العلم عن محمّد بن الحنفيّة وكان خالاً لأبي هاشم وكان يلازم مجلس الحسن » (٣).
وما ذكره القاضي لا ينطبق على الحقيقة ، فإنّ واصل بن عطاء الغزّال ولد بالمدينة سنة ثمانين ، وقد مات محمّد بن الحنفيّة عام ٨٠ أو ٨١، فلا يصحّ أخذ العلم منه ، والصّحيح أن يقال أخذ واصل العلم من أبي هاشم بن محمّد بن الحنفيّة ، وقد نقل المحقّق أنّ في حاشية الأصل « من أبي هاشم ».
والصّحيح ما في عبارته التالية ، قال :
٤ ـ وقال : « إنّ أبا الهذيل قد أخذ هذا العلم عن عثمان الطّويل ، وأخذ هو عن
__________________
١ ـ ذكر المعتزلة من مقالات الاسلاميين للبلخي : ص ٦٨.
٢ ـ ذكر المعتزلة للكعبي : ص ٦٤.
٣ ـ طبقات المعتزلة : ص ٢٣٤.