أصحابه في البلاد حتّى يكونوا دعاة إلى طريقه. فبعث عبدالله بن الحارث إلى المغرب ، فأجابه خلق كثير ، وبعث إلى خراسان حفص بن سالم ، فدخل « ترمذ » ولزم المسجد حتّى اشتهر ، ثمّ ناظر جهماً فقطعه ، وبعث القاسم إلى اليمن ، وبعث أيّوب إلى الجزيرة ، وبعث الحسن بن ذكوان إلى الكوفة ، وعثمان الطّويل إلى أرمينية (١).
يقول صاحب كتاب « المعتزلة » :
« درج أصحاب الواصل وتلاميذه من بعده على هذه الخطة ( المناظرة ) في الردّ على المخالفين ، فكان عمرو بن عبيد حيث التقى بأحدهم لا يتركه حتّى يناظره. ناظر جريربن حازم الأزدي السمني في البصرة وقطعه ، واشترك مع واصل بن عطاء في مناظرة بشاربن برد ، وصالح بن عبد القدوس ، وكلاهما من الثنوية المعروفين فقطعاهما ، وتناظر عمرو بن عبيد مع مجوسي على ظهر سفينة فقطعه المجوسيّ. [ كذا ] قال له عمرو : لما لا تسلم؟ فقال : لأنّ الله لم يرد إسلامي ، فإذا أرادالله إسلامي أسلمت. قال عمرو : إنّ الله تعالى يريد إسلامك ولكنّ الشياطين لا يتركونك.
فأجاب المجوسي : فأنا أكون مع الشّريك الأغلب! » (٢)
يلاحظ عليه : أنّه كان اللازم على عمرو أنّ يقول : إنّ الله تعالى أراد إسلامك ولكن بحرّية واختيار ، لا بإلجاء واضطرار. فلو أسلمت كان إسلامك على طبق ما يريد ، وإنّ كفرت لم يكن كفرك آية غلبتك عليه وقد أوضحنا كيفيّة تعلّق إرادته سبحانه بأفعال العباد.
من آرائه ومناظراته
إنّ واصل هو أوّل من أظهر المنزلة بين المنزلتين ، لأنّ الناس كانوا في أسماء أهل الكبائر من أهل الصلاة على أقوال. كانت الخوارج تسمّيهم بالكفر والشرك. والمرجئة
__________________
١ ـ المنية والأمل : ص ١٩ ـ ٢٠.
٢ ـ كتاب المعتزلة : ص ٣٩ ـ ٤٠.