بكلام واه ، يشبه كلام الهازل حيث قال : « يصحّ الاستدلال بالإجماع المركّب وصورته هنا أنّه أجمعوا على تسميته فاسقاً واختلفوا فيما عداه ، وهو حكم شرعي فلا يثبت إلاّ بدليل ولا دليل على ما عدا المجمع عليه هيهنا » (١).
يلاحظ عليه : أنّه اشتبه عليه معنى الإجماع المركّب ، لأنّ معناه أنّه إذا كانت المسألة بين الأمة ذات قولين ، مثلاً قالت طائفة من الفقهاء : الحبوة للولد الأكبر ، وقالت الاُخرى : الحبوة لجميع الورثة ، فيقال : لا يجوز إحداث قول ثالث ، أخذاً بالإجماع المركّب ، لأنّ الاُمّة اتّفقت على نفي الثّالث. وأين هو في المقام؟ إذ لم تتّفق الاُمّة على نفي هذه الأسماء ، بل اختلفوا على أقوال ، فالرجل غير عارف بمصطلح الاُصوليين فاستعمله في غير محلّه.
٢ ـ مناظرته مع عمرو في مرتكب الكبيرة
إنّ عمرو بن عبيد كان من أصحاب الحسن وتلاميذه. فجمع بينه وبين واصل ليناظره فيما أظهر من القول بالمنزلة بين المنزلتين ، فلمّا وقفوا على الاجتماع ذكر أنّ واصلاً أقبل ومعه جماعة من أصحابه إلى حلقة الحسن ، وفيها عمروبن عبيد جالس. فلمّا نظر إلى واصل وكان في عنقه طول واعوجاج ، قال : أرى عنقاً لا يفلح صاحبها ، فسمع ذلك واصل فلمّا سلّم عليه قال له : يابن أخي إنّ من عاب الصنعة عاب الصانع ، فقال له عمرو بن عبيد : يا أبا حذيفة قد وعظت فأحسنت ولن أعود إلى مثل الّذي كان منّي.
وجلس واصل في الحلقة وسأل أنّ يكلّم عمراً ، فقال واصل لعمرو : لم قلت : إنّ من أتى كبيرة من أهل الصّلاة استحقّ اسم النفاق؟ فقال عمرو : لقول الله تعالى : ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً واُولئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ ) ( النور / ٤ ) ثمّ قال في موضع آخر : ( إِنَّ المُنَافِقِينَ هُمُ الفَاسِقُونَ ) ( التوبة / ٦٧ ) فكان كلّ فاسق منافقاً. إذ كانت ألف ولام
__________________
١ ـ المنية والأمل : ص ٢٤.