٣ ـ من لطائف تفسيره للقرآن
حكي أنّ واصلاً كان يقول : « أراد الله من العباد أنّ يعرفوه ثمّ يعملوا ثمّ يعلّموا. قال الله تعالى ( يا مُوسى إنّي أَنَا اللّهُ ) فعرّفه نفسه ، ثمّ قال : ( اخلَعْ نَعْلَيْكَ ) ( طه / ١٢ ) فبعد أنّ عرّفه نفسه أمره بالعمل قال : والدّليل على ذلك قوله تعالى : ( وَالعَصْرِ * إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْر * إلاّ الَّذِينَ آمَنُوا ـ يعني صدقوا ـ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وتَواصَوْا بِالحقِّ وتَواصَوْا بِالصَّبْرِ ) علموا وعملوا وعلّموا (١).
يلاحظ عليه : أنّ الآية الاُولى دلّت على تقدّم العلم على العمل ، وأمّا تقدّم العمل على تعليم الغير فهي ساكتة عنها. نعم الآية الثالثة ربّما تكون ظاهرة فيما يدّعيه بحجّة النظم والترتيب في الذكر ، وإنّ كانت واو العاطفة لا تدلّ على الترتيب.
٤ ـ من نوادر حكاياته
روى المبرّد قال : حُدّثتُ أنّ واصل بن عطاء أقبل في رفقة فأحسّوا بالخوارج ، وكانوا قد أشرفوا على العطب. فقال واصل لأهل الرفقة : إنّ هذا ليس من شأنكم فاعتزلوا ودعوني وإيّاهم ، فقالوا : شأنك. فقال الخوارج له : ما أنت وأصحابك؟ قال : مشركون مستجيرون ليسمعوا كلام الله ، ويقيموا حدوده فقالوا : قد أجرناكم ، قال : فعلّمونا أحكامه ، فجعلوا يعلّمونه أحكامهم ، وجعل يقول : قد قبلت أنا ومن معي ، قالوا : فامضوا مصاحبين فإنّكم إخواننا ، قال لهم : ليس ذلك لكم. قال الله تعالى : ( وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ المُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتّى يَسْمَعَ كَلامَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ) ( التوبة / ٦ ) فأبلغونا مأمننا فساروا بأجمعهم حتّى بلغوا الأمن (٢).
٥ ـ تهجّده ولقبه بالغزّال
ينقل ابن المرتضى عن اُخت « عمرو بن عبيد » ـ وكانت زوجة واصل ـ أنّها قالت
__________________
١ ـ أمالي المرتضى ج ١ ص ١٦٨.
٢ ـ المصدر نفسه.