إلى عمر بن عبدالعزيز، الّتي أتى بنصّها القاضي عبدالجبّار في « فضل الإعتزال وطبقات المعتزلة » (١) فلو خرج عمرو بالقول بالقدر عن مذهب أهل السنّة ، فهذه شنشنة أعرفها من عبد القاهر في كتابه « الفرق بين الفرق » ، والخطيب في تأريخه ، وغيرهما من الكتّاب المتعصّبين الّذين يفتحون أبواب الجنّة على مصاريعها على وجوه أصحابهم ، ويقفلونها بإحكام أمام الفرق الاُخرى.
نعم ، تطرّف من قال : « إنّ تسمية جمهرة المسلمين بأهل السنّة ، تسمية متأخِّرة يرجع تأريخها إلى حوالي القرن السّابع الهجري ، إلى بعد عصر آخر الأئمّة المشهورين وهو ابن حنبل بحوالي أربعة قرون » (٢).
فإنّ أهل الحديث كانوا يسمّونهم أهل السنّة ، وهذا أحمد بن حنبل يقول في ديباجة كتابه « السنّة » : « هذه مذاهب أهل العلم وأصحاب الأثر وأهل السنّة المتمسّكين بعروتها المعروفين بها » (٣). وهذا الشيخ الأشعري يعرض عقائد أهل الحديث باسم أهل السنّة (٤).
إنّما الاشكال في احتكار هذا الإسم في طائفة خاصّة من المسلمين ، مشعراً به إلى أنّ غيرهم رفضوا السنّة وعملوا بالبدعة.
نعم ، لم تكن هذه التسمية في عصر النّبي ، ولا الخلفاء ، ولا في أوائل القرن الثاني ، وإنّما حدثت في أواسطه.
٥ ـ نقل الخطيب بسنده عن معاذ قال : سمعت عمرو بن عبيد يقول : « إنّ كانت ( تَبَّتْ يدا أَبِى لَهَب ) في اللّوح المحفوظ، فما على أبى لهب من لوم ».
و ينقله أيضاً عن معاذ بصورة اُخرى قال : « كنت جالساً عند عمرو بن عبيد ،
__________________
١ ـ طبقات المعتزلة : ص ٢١٥ ـ ٢٢٣. مرّ نصّ الرسالة في الجزء الأول ص ٢٨٢ ـ ٢٩١.
٢ ـ الاباضية بين القرون الاسلاميّة : ج ٢، ص ١٢٨ تأليف علي يحيى معمر.
٣ ـ السنّة : ص ٤٤.
٤ ـ مقالات الإسلاميين : ص ٢٩٠.