( فَوَرَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) ( الحجر / ٩٢ و٩٣ ). ولم يقل لنسألنّهم عمّا قضيت عليهم ، أو قدّرته فيهم ، أو أردته منهم ، أو شئته لهم ، وليس بعد هذا الأمر ، إلاّ الإقرار بالعدل ، أو السكوت عن الجور الّذي لا يجوز على الله تعالى » (١).
أقول : روي نظير ذلك من الإمام جعفر الصادق عليهالسلام وقد سئل عن القدر؟ فقال : « ما استطعت أنّ تلوم العبد عليه فهو فعله ، وما لم تستطع فهو فعل الله ، يقول الله للعبد : لم كفرت ولا يقول لم مرضت » (٢).
و أخيراً روى السيّد المرتضى أنّ أبا جعفر المنصور مرّ على قبره بمرّان ـ وهو موضع على ليال من مكّة على طريق البصرة ـ فأنشأ يقول :
صلّى الإله عليك من متوسّد |
|
قبراً مررت به على مَرّان |
قبراً تضمّن مؤمناً متخشّعاً |
|
عبد الإله ودان بالفرقان |
وإذا الرّجال تنازعوا في شبهة |
|
فصل الخطاب بحكمة وبيان |
فلو أنّ هذا الدهر أبقى صالحاً |
|
أبقى لنا عمراً أبا عثمان (٣) |
٤ ـ قال الخطيب : « كان عمرو يسكن البصرة ، وجالس الحسن البصري ، وحفظ عنه ، واشتهر بصحبته ، ثمّ أزاله واصل بن عطاء عن مذهب أهل السنّة فقال بالقدر ودعا إليه ، واعتزل أصحاب الحسن وكان له سمعة وإظهار زهد ـ ثمّ نقل بعض ما يدلّ على زهده أو إظهاره » (٤).
ما ذكره الخطيب من تخصيص أهل السنّة باتّباع مذهبه تخصيص بلا دليل ، فإنّ الفرق الإسلاميّة يحترمون السنّة الصّحيحة ، والكلّ بهذا المعنى أهل السنّة. ولو كان وجه إزالته عنهم قوله بالقدر ، فقد سبقه أستاذه الحسن إلى هذا القول ، كما تدلّ عليه رسالته
__________________
١ ـ أمالي المرتضى : ج ١ ص ١٧٧.
٢ ـ المنية والأمل : ص ٢١ ط دار صادر.
٣ ـ أمالي المرتضى : ج ١ ص ١٧٨، ووفيات الأعيان : ج ٢ ص ٤٦٢.
٤ ـ تاريخ بغداد : ج ١٢، ص ١٦٦، رقم الترجمة ٦٦٥٢.