ولو صحّ هذا فلا يصحّ ما ينسب إليه البغدادي من أنّ النظّام كان أفسق خلق الله عزّوجلّ وأجرأهم على الذنوب العظام وعلى إدمان شرب المسكر. وقد ذكر عبدالله بن قتيبة في كتاب « مختلف الحديث » أنّ النظّام كان يغدو على مسكر ويروح على مسكر وأنشد قوله في المسكر :
ما زلت آخذ روح الزقّ في لطف |
|
وأستبيح دماً من غير مذبوح |
حتّى انثنيت ولي روحان في بدن |
|
والزقّ مطّرح جسم بلا روح |
ثمّ أخذ البغدادي في ذمِّه بكلمات رديئة لا تصلح للنقل ، وقد عدّ البغدادي له أزيد من عشرين فضيحة وجعل بعضها سبباً لكفره ، غير أنّ بعضها ليس بفضيحة وبعضها الآخر لا يوجب الكفر (١) والبغداديّ في هذه التّهم والنّسب ـ كما قال ـ تبع شيخ أصحاب الحديث ابن قتيبة حيث قال : « وجدنا النظّام شاطراً من الشطّار يغدو على سكر ويروح على سكر ويبيت على جرائرها ويدخل في الأدناس ويرتكب الفواحش والشائنات » ثمّ ذكر البيتين (٢).
أفي ميزان النّصفة الاعتماد على قول الخصم عند القضاء عليه؟.
وذكر الشهرستاني له مسائل انفرد بها وأنهاها إلى ثلاث عشرة مسألة (٣) وفي قلمه نزاهة قابلة للتقدير بخلاف البغدادي في الفرق ونذكر نموذجين من هذه الفضائح المزمومة :
١ ـ قوله بانقسام كلِّ جزء لا إلى نهاية. فزعم البغدادي أنّ نتيجة ذلك القول إحالة كون الله تعالى محيطاً بأجزاء العالم ، عالماً بها ، وذلك قول الله تعالى : ( وأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وأَحْصَى كُلَّ شَيْء عَدَداً ) ( الجن / ٢٨ ) (٤).
____________
١ ـ الفرق بين الفرق : ص ١٣١ ـ ١٥٠.
٢ ـ تأويل مختلف الحديث : ص ١٧ و١٨.
٣ ـ الملل والنحل : ج ١ ص ٥٤ ـ ٥٨.
٤ ـ الفرق بين الفرق : ص ١٣٩.