بجسده. قال سبحانه : ( قُلْ يَتَوَفَّيكُمْ مَلَكُ المَوتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُون ) ( السجدة / ١١ ). إنّ كلمة « التوفّي » لا تعني الاماتة كما هو معروف ، بل تعني الأخذ والقبض ، فقوله سبحانه ( يتوفّاكم ) بمعنى يأخذكم ويقبضكم ، فالآية ظاهرة في أنّ ملك الموت يأخذ الإنسان كلّه ، ويكون محفوظاً عند ربّه ، وهذا إنّما يتمّ ولو كان حقيقة الإنسان هو روحه ونفسه ، لا روحه وجسمه ، وإلاّ يكون المأخوذ بعض الإنسان وجزئه ، لوضوح أنّ ملك الموت يأخذ أحد الجزأين وهو الرّوح ويترك الجزء الآخر وهو يودع في القبر الّذي لا علاقة لملك الموت به.
وما رتّب البغدادي على نظريّة النظّام من الاشكالات لا يستحقّ الردّ والنّقد.
إذا عرفت هذين النموذجين الّذين عدّهما البغدادي من فضائح النظّام ـ وليسا منها ـ فعند ذا يتبيّن وجوب دراسة آراء ذلك الرجل في جوّ هادىء بعيد عن الحقد والبغض حتّى يتّضح الحقّ عن الباطل ، مع أنّه لا مصدر لنسبة هذه الآراء إلاّ كتب الأشاعرة وبصورة ناقصة « الانتصار » لأبي الحسين الخيّاط ، وليس كتابنا هذا كتاباً كلاميّاً وإنّما هو كتاب تأريخ العقائد ولأجل ذلك نكتفي بهذا المقدار ، غير أنّه نرى من الواجب التعرّض لعقيدة منسوبة إليه في إعجاز القرآن المعروفة بمذهب الصِّرفة.
من الآراء الباطلة الّتي نسبت إلى النظّام ، هو حصر إعجاز القرآن في الاخبار عن المغيبات ، وأمّا التأليف والنّظم فقد كان يجوِّز أن يقدر عليه العباد لولا أنّ الله منعهم بمنع (١). وقد نقل عنه البغدادي في « الفرق » بقوله : « إنّه أنكر إعجاز القرآن فى (٢) نظمه ».
وقال الشهرستاني : « قوله في إعجاز القرآن إنّه من حيث الاخبار عن الاُمور الماضية والآتية ومن جهة صرف الدواعي عن المعارضة ، ومنع العرب عن الاهتمام به
__________________
١ ـ مقالات الاسلاميين : ص ٢٢٥.
٢ ـ الفرق بين الفرق : ص ١٣٢.