كافر ومشرك ومسلم ، وإنّما يتحقّق في إطار محدود ومضيّق. كيف وقد وعد سبحانه على وجه الجزم والقطع بقوله : ( إِنَّ اللّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ويَغْفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ ) ( النساء / ٤٨ ) وليس المراد من الغفران هو المغفرة لأجل التّوبة ، لأنّ الغفران بعد التوبة يعمّ المشرك وغيره ، وإنّما المراد هو الغفران والمغفرة بلا توبة وإنابة ، والمشرك والمنافق لا يعمّهما العفو أبداً ويكفي ذلك في تحقّق وعيد الربّ وصدق إخباره ( لأََمْلأََنَّ جَهَنَّمَ ).
وخلاصة القول : أنّ القائل بالعفو في مورد الايعاد يدّعي قضيّة جزئيّة لا قضيّة كلّيّة استيعابيّة ، وللبحث صلة تمرّ عليك عند البحث عن اُصول المعتزلة فارتقب.
ثمّ إنّ في وسع أبي عليّ أن يقابل شعر المناظر بشعر شاعر آخر وينشد قوله :
إنّ أبا ثابت لمجتمع الرأي |
|
شريف الآباء والبيت |
لا يخلف الوعد والوعيد ولا |
|
يبيت من ثاره على فوت (١) |
تأليفاته
يظهر ممّا نقله ابن المرتضى أنّه غزير الإنتاج. قال : قال أبو الحسين : « وكان أصحابنا يقولون : إنّهم حرّروا ما أملاه أبو عليّ فوجدوه مائة ألف وخمسين ألف ورقة ، قال : وما رأيته ينظر في كتاب إلاّ يوماً نظر في زيج الخوارزمي ، ورأيته يوماً أخذ بيده جزءاً من الجامع الكبير لمحمّد بن الحسن وكان يقول : إنّ الكلام أسهل شيء ، لأنّ العقل يدلّ عليه » (٢).
يلاحظ عليه : أنّ علم الكلام كما يستمدّ من العقل ، يستمدّ من الكتاب والسنّة الصّحيحة خصوصاً فيما يرجع إلى ما بعد الموت ، وأنّ الاستبداد بالعقل الشخصي من دون المراجعة لآراء من سبق من الأعاظم لا ينتج شيئاً ناضجاً. فكما أنّ التقاء الأسلاك
__________________
١ ـ المنية والأمل : ص ٤٨.
٢ ـ نفس المصدر : ص ٤٧.