قال البغدادي : « كان زعيم القدريّة في زمن المأمون والمعتصم والواثق ، وقيل : إنّه هو الّذي دعا المأمون إلى الاعتزال » (١).
وقال ابن المرتضى : « ثمامة ابن الأشرس ، يكنّى أبا معن النّميري وكان واحد دهره في العلم والأدب ، وكان جدلاً حاذفاً. قال أبو القاسم : قال ثمامة يوماً للمأمون : أنا اُبيّن لك القدر بحرفين وأزيد حرفاً للضّعيف. قال : ومن الضّعيف؟ قال : يحيى بن أكثم ، قال : هات ، قال : لا تخلو أفعال العباد من ثلاثة أوجه : إمّا كلّها من الله ولا فعل لهم ، لم يستحقُّوا ثواباً ولا عقاباً ولا مدحاً ولا ذمّاً. أو تكون منهم ومن الله ، وجب المدح والذمّ لهم جميعاً أو منهم فقط ، كان لهم الثّواب والعقاب والمدح والذّم. قال : صدقت (٢).
أقول : ذهب عليه أنّ استناد الفعل إلى الله والعبد إنّما يقتضي الاشراك في الثّواب والعقاب أو المدح والذّم إذا كانا فاعلين بالسّويّة في جميع المراحل ، حتّى في مرحلة الجزء الأخير من العلّة التامّة للفعل كما إذا اشترك الفاعلان معاً في إنقاذ غريق أو قتل إنسان ، وأمّا إذا كان أحدهما هو الجزء المؤثّر دون الآخر فيكون هو المسؤول ، وعليه الثّواب والعقاب ، وهذا هو الأمر بين الأمرين ، والعبد غير مجبور ولا مفوّض ، والتّفصيل في محله.
روى المرتضى أنّه سأل مجبر بشر بن المعتمر وقال له : « أنتم تحمدون الله على إيمانكم؟ قال : نعم ، فقال له : فكأنّه ( الله ) يحبُّ أن يحمد على ما لم يفعل وقد ذمّ ذلك في كتابه. فقال له : إنّما ذمّ من أحبّ أن يحمد على ما لم يفعل ممّن لم يعن عليه ، ولم يدع إليه. وهو يشغب إذ أقبل ثمامة بن أشرس ، فقال بشر للمجبر : قد سألت القوم وأجابوك ، وهذا أبو معن فاسأله عن المسألة ، فقال له : هل يجب عليك أن تحمد الله على الإيمان؟ فقال : لا ، بل هو يحمدني عليه ، لأنّه أمرني به ففعلته ، وأنا أحمده على الأمر به ، والتّقوية
__________________
١ ـ الفرق بين الفرق : ص ١٧٢.
٢ ـ المنية والأمل : ص ٣٥.