معمر ، فلمّا قرب من السند بلغ خبره ملك السند فخاف السمني أن يفتضح على يديه وقد كان عرفه من قبل ، فدسّ من سمّه في الطّريق فقتله » (١).
أقول : ما أجاب به الصّبي صحيح ، غير أنّ العبارة غير وافية ، والمقصود : ما سألته ( خلق المثل ) محال لا نفس السؤال محال.
قال صاحب كتاب « المعتزلة » : « فلئن صحّت هذه القصّة فإنّها تعني أنّ الرشيد لم يجد في مملكته الواسعة من يدافع عن الإسلام غير المعتزلة.
والواقع أنّ المعتزلة تحمّسوا لهذه القضية كثيراً ، فلم يكتفوا بالردّ على المخالفين وتقطيعهم بل تعدّوا ذلك إلى التبشير بالدين الإسلامي وحمل الناس على اعتناقه فكانوا لا ينفكّون يرسلون وفودهم لهذا الغرض إلى البلاد الّتي يكثر فيها المجوس أو غيرهم من الوثنيين » (٢).
ويقول صفوان الأنصاري شاعر المعتزلة في مدح واصل وصحبه ما يظهر حقيقة الجهود الّتي بذلوها في سبيل الدفاع عن حوزة الدين والتبشير به :
رجال دعاة لا يفلّ عزيمهم |
|
تحكّم جبّار ولا كيد ساحر |
إذا قال مرّوا في الشتاء تطاوعوا |
|
وإن كان صيفاً لم يخف شهر ناجر (٣) |
قال ابن النّديم : « نبيه من جلّة المتكلّمين المعتزلة ، كاتب بليغ ، بلغ من المأمون منزلة جليلة وأراده على الوزارة فامتنع » (٤).
__________________
١ ـ ذكر المعتزلة من كتاب المنية والأمل ، ص ٣١ و٣٢.
٢ ـ المعتزلة : ص ٤٤.
٣ ـ البيان والتبيين : ج ١، ص ٣٧، نقلاً عن « المعتزلة » ص ٤٥. والناجر : أشدّ أشهر الصيف حرّاً.
٤ ـ الفهرست لابن النديم ، الفن الاول من المقالة الخامسة : ص ٢٠٧.