ابن أبي دؤاد : أو ليس القرآن شيئاً؟
ابن حنبل : نعم.
ابن أبي دؤاد : أو ليس لا قديم إلاّ الله؟
ابن حنبل : نعم.
ابن أبي دؤاد : القرآن إذاً حديث.
ابن حنبل : لست أنا بمتكلّم (١).
وهذه إحدى صور المحاكمة ولها صور اُخر طوينا الكلام عن ذكرها وتأتى عند البحث عن محنة أحمد وهذا يعرب عن براعة الرّجل في مقام قطع الطّريق على الخصم ، وهذا وأشباهه ممّا دفع الحنابلة والأشاعرة على التّحامل والازدراء بالرّجل ، وسيوافيك أنّ أكثر ما نقل في محنة الإمام من التشديد والتغليظ عليه ، ودوسه بالأقدام وسحبه ، يرجع إلى أبي الفرج ابن الجوزي الحنبلي المتعصّب لإمامه وليس له مصدر في التأريخ سواه.
وقد نقل البغدادي حول وفاته قصّة أشبه بالاسطورة (٢) وكم له في كتابه « الفرق بين الفرق » من نظائر.
قال القاضي نقلاً عن « المصابيح » : « إنّه نسيج وحده في العلوم ، لأنّه جمع إلى علم الكلام والفصاحة ، العلم بالأخبار والأشعار والفقه وتأويل الكلام وهو متقدّم في الجدّ والهزل ، وله كتب في التوحيد وإثبات النبوّة ونظم القرآن وحدثه ، وفي فضائل المعتزلة » (٣).
أقول : كتابه الأخير هو كتاب « فضيلة المعتزلة » الّذي ردّ عليه ابن الراوندي في
____________
١ ـ المعتزلة : ص ١٧٥.
٢ ـ الفرق بين الفرق : ص ١٧٤ ـ ١٧٥.
٣ ـ فضل الاعتزال : ص ٢٧٥.