على أبي عليّ ( الجبّائي ) فسأله أبو الحسين بحقّ الصحبة أن لا يفعل ذلك ، لأنّه خاف أن ينسب إلى أبي عليّ وهو من أحفظ الناس باختلاف المعتزلة في الكلام وأعرفهم بأقاويلهم.
وقدكان الشيخ أبو القاسم يكاتبه بعد العود من عنده حالاً بعد حال فيعرف من جهته ما خفى عليه » (١).
ومن أشهر كتبه : « الانتصار » ردّ فيه على كتاب « فضيحة المعتزلة » لابن الراوندي وطبع بالقاهرة ـ ١٩٢٥ م.
وسأل أبو العبّاس الحلبي أبا الحسين الخيّاط فقال : « أخبرني عن إبليس هل أراد أن يكفر فرعون؟ قال : نعم ، قال الحلبي : فقد غلب إبليس إرادة الله؟ قال أبو الحسين : هذا لا يجب فإنّ الله تعالى قال : ( الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الفَقْرَ ويَأْمُرُكُمْ بِالفْحْشَاءِ واللّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وفَضْلاً ) وهذا لا يوجب أن يكون أمر إبليس غلب أمر الله ، فكذلك الإرادة وذلك لأنّ الله تعالى لو أراد أن يؤمن فرعون كرهاً لآمن (٢).
وبعبارة واضحة ، إنّ إرادة كلّ منهما ( الله سبحانه وإبليس المطرود ) ليست إرادة تكوينيّة قاهرة سالبة للاختيار ، بل إرادة أشبه بإرادة تشريعيّة يتراءى أنّها تعلّقت بفعل الغير ، وهو مختار في فعله وعمله وتطبيقه على كلّ من الطّلبين ، فليس في موافقته أو مخالفته أيّ غلبة من المريدين على الآخر. نعم لو كانت إرادة كلّ منهما إرادة تكوينيّة تعلّقت واحدة بإيمان فرعون والاُخرى بكفره فكفر ولم يؤمن لزمت غلبة إرادة إبليس على إرادة الله تعالى.
وسئل عن أفضل الصّحابة فقال : أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام لأنّ الخصال الّتي فضّل الناس بها متفرّقة في الناس وهي مجتمعة فيه ، وعدّ الفضائل فقيل فما منع الناس من العقد له بالإمامة؟ فقال : هذا باب لا علم لي به إلاّ بما فعل
__________________
١ ـ فضل الاعتزال : ص ٢٩.
٢ ـ المنية والأمل : ص ٤٩.