ممتاز، فمن أراد فليرجع إليه (١).
ومن لطيف ما أفاده في المقام ، هو الاجابة عن احتجاج المثبتين بما رووه عن النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « إنّكم سترون ربّكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر » (٢). فأجاب عن الاستدلال بوجوه :
الأوّل : إنّ الأخذ بظاهر الخبر يستلزم أن نرى الله سبحانه مثلما نرى القمر ، فإنّا لا نرى القمر إلاّ مدوّراً عالياً منوّراً ، والله سبحانه أعلى من هذه الصفات.
يلاحظ عليه : أنّ وجه الشّبه هو الرؤية الحسيّة اليقينيّة. فكما أنّ الإنسان لا يشكّ ـ بعد ما رأى القمر ـ أنّه رآه ، فهكذا فيه سبحانه لاتمام الخصوصيات.
الثاني : أنّ هذا الخبر يروى عن قيس بن أبي حازم ، عن جرير بن عبدالله البجلي ، عن النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم. وقيس هذا مطعون فيه من وجهين :
أحدهما : أنّه كان يرى رأى الخوارج. يروى أنّه قال : « منذ سمعت عليّاً على منبر الكوفة يقول : انفروا إلى بقيّة الأحزاب ـ يعني النّهروان ـ، دخل بغضه على قلبي » ومن دخل بغض أمير المؤمنين عليهالسلام قلبه فأقلّ أحواله أن لا يعتمد على قوله ، ولا يحتجّ بخبره.
وثانيهما : قيل إنّه خولط في عقله آخر عمره ، والكتبة يكتبون عنه على عادتهم في حال عدم التّمييز، ولا ندري أنّ هذا الخبر رواه وهو صحيح العقل أو مختلطه.
الثالث : إن صحّ هذا الخبر فأكبر ما فيه أن يكون خبراً من أخبار الآحاد. وخبر الواحد ممّا لا يقتضي العلم. ومسألتنا طريقها القطع والثبات.
ثمّ إنّ هذا الخبر معارض بأخبار رويت. ثمّ ذكر بعض الأخبار (٣).
__________________
١ ـ شرح الاُصول الخمسة : ص ٢٤٨ ـ ٢٥٣.
٢ ـ صحيح البخاري ، كتاب المواقيت ، الباب ١٦، الحديث ٢٦ ج ١ ص ١١١، وباب الاذان وغيره.
٣ ـ شرح الاُصول الخمسة : ص ٢٦٩.