إِيَّاكَ نَسْتَعِين ) فقال له جعفر عليهالسلام : قف. من تستعين؟ ما حاجتك إلى المعونة؟ إنّ الأمر إليك. فبهت القدري (١).
٢ ـ تضافر عنهم عليهمالسلام التّنديد بالجبر والتّفويض بمضامين مختلفة ، نأتي بواحد منها حتّى تقف على ما يشابهه :
سأل محمّد بن عجلان الصّادق عليهالسلام أنّه هل فوّض الله الأمر إلى العباد؟ قال : « الله أكرم من أن يفوّض إليهم. قال : فأجبرهم على أفعالهم؟ فقال : الله أعدل من أن يجبر عبداً على فعل ثمّ يعذّبه عليه » (٢).
٣ ـ تضافر عن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام قولهم : « لا جبر ولا تفويض » وذلك يدفعنا إلى القول بوجود المفوِّضة في زمن صدور هذه الروايات بين الأُمة الإسلاميّة ، ويرجع صدورها إلى أواخر القرن الأوّل ، وأواسط القرن الثاني.
٤ ـ إنّما الكلام في أنّ المعتزلة هل هم المعنيّون في هذه الأخبار ، أو هم غيرهم ، وهذا هو الّذي يحتاج إلى دراسة عميقة بالغور في الآثار الباقية من المعتزلة.
أمّا ما نقلناه من « المغني » فهو محتمل الوجهين ، فيمكن أن يكون إشارة إلى استقلال العباد في أفعالهم وأعمالهم كما نسب إليهم صدر المتألّهين. كما أنّه يمكن أن يكون قوله : « لا فاعل لأفعال العباد ولا محدث لها سواهم » ، هو نفي كونها مخلوقة للّه سبحانه مباشرة وبلا واسطة. والشاهد عليه قوله فيما بعد : « وأنّ من قال إنّ الله سبحانه خالقها ومحدثها ، فقد عظم خطاؤه وأحالوا حدوث فعل من فاعلين ».
فالعبارة بصدد نفي كون فعل العباد مخلوقاً للّه مباشرة على النّحو الّذي يذهب إليه أهل الحديث والأشاعرة. وهذا غير القول باستقلال العباد في أفعالهم وغناهم عن الواجب في أعمالهم.
____________
١ ـ بحار الأنوار : ج ٥، ص ٥٥ ـ ٥٦.
٢ ـ المصدر نفسه : ص ٥١.